Daftar Isi Nusantara Angkasa News Global

Advertising

Lyngsat Network Intelsat Asia Sat Satbeams

Meluruskan Doa Berbuka Puasa ‘Paling Sahih’

Doa buka puasa apa yang biasanya Anda baca? Jika jawabannya Allâhumma laka shumtu, maka itu sama seperti yang kebanyakan masyarakat baca...

Pesan Rahbar

Showing posts with label الخطابات. Show all posts
Showing posts with label الخطابات. Show all posts

في كلمته في جامعة الشهيد ستاري العسكرية الإمام الخامنئي: القوة الإنسانية الكفوءة والمؤمنة هي ثروة البلاد الأثمن


شارك القائد العام للجيش والقوات المسلحة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإمام السيد علي الخامنئي صباح اليوم الأربعاء 28/9/2016م في مراسم تخريج، أداء القسم ومنح الرتب العسكرية لطلبة الجامعات العسكرية التابعة لجيش الجمهورية الإسلامية والتي أقيمت في جامعة الشهيد ستاري للعلوم الجوية.

وفيما يلي النص الكامل لكلمة الإمام الخامنئي التي ألقاها خلال هذه المراسم.


بسم الله الرحمن الرحيم (1)

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

أبارك لكم جميعاً أيها الشباب الأعزاء وآمال مستقبل البلاد، أبارك للمتخرجين الذين دخلوا رسمياً ساحة القوات المسلحة وجيش الجمهورية الإسلامية، وأبارك كذلك للملتحقين الجدد، والذين نالوا رتبهم العسكرية هذه السنة ممن احتفلوا اليوم ببداية مسيرتهم المباركة. كما قلتم في القسم وسمعنا، فإن هذا طريق حسن العاقبة. الحق أن الطريق الذي اخترتموه لهو من أفضل مصاديق الدرب الحسن العاقبة.

من اللازم أن أتقدم بالشكر لقادة جامعات جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقد تطورت هذه الكليات والحمد لله. في بداية الثورة كان لدينا كلية ضباط واحدة فقط، أما اليوم فتعمل عدة جامعات في القطاعات المختلفة وتخرّج الطلبة. أتقدم بالشكر لقادة هذه الجامعات، ولقادة القوى الثلاث في جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية. كما أتقدم بالشكر للأساتذة، وخصوصاً الأساتذة المحترمين العاملين بالتدريس في هذه الدورات، ولرجال الدين المحترمين الذين يبذلون الجهود لتربية هؤلاء الشباب الأعزاء دينياً، ويشاركون مشاركة صميمية في مخيماتهم وصفوفهم وتجمعاتهم، أشكركم جميعاً وأبارك لكم.

هذا الدرب الذي اخترتموه أيها الشباب الأعزاء لهو جمّ الخيرات والبركات، وباختياركم لهذا الطريق أنتجتم ثروة لبلادكم. أنتم أيها الشباب ثروة البلاد الكبيرة بالمعنى الحقيقي للكلمة. ما من ثروة ومصدر قوة أثمن لأيّ بلد من القوة الإنسانية الكفوءة المؤمنة الحرة الشامخة، وأنتم اليوم مصداق هذه النعمة الكبرى وهذه الثروة العظيمة، فاعرفوا قدر هذا.


ما من ثروة ومصدر قوة أثمن لأيّ بلد من القوة الإنسانية الكفوءة المؤمنة الحرة الشامخة

الشباب الأعزاء اليوم لم يدركوا الحرب المفروضة. كلكم أو غالبيتكم أيها الشباب الأعزاء الحاضرون في الساحة اليوم ولدتم بعد انتهاء الحرب. لقد كانت فترة الدفاع المقدس فترة عجيبة، كانت فترة مهمة، لقد كانت فترة اختبار صعب. في الاختبارات يفصح الأشخاص الكبار الدؤوبين عن حقيقتهم. هناك يتضح جوهر الأفراد. في الدفاع المقدس تبيّن جوهر جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية. لقد استطاع الجيش في قطاعاته المختلفة وبعناصره على تنوّعهم القيام بأعمال متألقة كبيرة. لقد سمعتم باسم الدفاع المقدس. من الأعمال اللازمة جداً في هذه الجامعات وفي البيئة العامة لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية والقوات المسحلة خصوصاً، التعرف باضطراد على فترة الدفاع المقدس. لم تكن فترة الدفاع المقدس فترة عادية مألوفة.

القوات المسلحة تنتظر سنوات طويلة بهدوء ليوم الخطر. يوم الخطر هو ذلك اليوم الذي يتعرّض فيه بلدهم وشعبهم وحدودهم وهويتهم لهجوم. هناك تقف القوات المسلحة في الخط الأمامي للدفاع وتقدم اختبارها. في فترة الدفاع المقدس تعرّض كل شيء في البلد للهجوم، لا حدود البلد فقط، بل الهوية الوطنية للبلد، والنظام الإسلامي في البلد، والثورة الكبرى لشعب إيران، والقيم الكثيرة التي وضعها هذا الشعب الكبير نصب عينيه، كلها تعرّضت للهجوم. لم يكن هناك نظام صدام البعثي فقط يقف بوجهنا، بل لقد كانت في الحقيقة حرباً عامة، حرباً دولية ضد شعب إيران. كان الناتو يساعد العراق، وأمريكا تساعد، والاتحاد السوفيتي يومذاك يساعد، وكانت الرجعية العربية تفتح مساعداتها المالية والمادية ودولاراتها النفطية كالسيل عليهم، وإعلامهم - والذي كان ولا يزال بيد الصهاينة - في كل العالم كان يعمل ليل نهار لصالحهم وضد الجمهورية الإسلامية في إيران. في هذه المعركة العظيمة وفي هذه القيامة الكبرى، نهضت وقامت القوة العظيمة لشعب إيران، قوة الإيمان، وقوة المقاومة، وقوة الاعتماد على الله، وقوة الاتكاء على روح الله، وفي الصدر من كل هذا القوات المسلحة لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية. هذا هو معنى القيام لله. «اَن تَقوموا للهِ‌ مَثنى وفُرادى‌« (2)، قاموا لله، وخاضوا غمار الساحة، ووظفوا أرواحهم وقواهم وقدراتهم.


في سنوات الدفاع المقدس لم يكن هناك نظام صدام البعثي فقط يقف بوجهنا، بل لقد كانت في الحقيقة حرباً عامة، حرباً دولية ضد شعب إيران

أعزائي، شبابي الأعزاء، هؤلاء جيلكم الماضي. هؤلاء أشخاص جئتم بعدهم وأنتم ورثة مفاخرهم. لم يكن الجيش عزيزاً في أنظار الشعب لهذه الدرجة، وقد كان أمثال صياد شيرازي وبابائي وشخصيات الجيش الكبيرة بتضحياتهم والقادة الذين استخدموا كل قدراتهم في ساحات الحرب لمواجهة العدو، هم الذين صنعوا هذا الفخر، وهم الذين صنعوا هذه الشعبية لجيش الجمهورية الإسلامية في إيران. لقد شهدتُ المجاهدات عن كثب، ورأيتُ ما يفعلون وكيف يقدّمون أرواحهم وقدراتهم.

أعزائي، جهّزوا أنفسكم وأعدوها، سواء من حيث الاستعداد العلمي والتقني، أو من حيث الجاهزية التنظيمية والانضباطية، أو من حيث الاستعدادات الإيمانية والعقيدية والروحية التي تعد رصيداً لكل أنواع الاستعداد. اجعلوا قلوبكم مع الله في هذا الدرب. بلدكم بلد كبير ومهم وعظيم، وشعبكم شعب ذكي وشجاع ومقتدر - وهذا ليس كلاماً نقوله نحن اليوم، فكل العالم من الذين يعرفون وهم مستعدون للكلام يقولون هذا الكلام علناً، والأعداء غير مستعدين للاعتراف بذلك علناً لكنهم يعترفون به في قلوبهم، وعقيدتهم تتجلى في حالات كثيرة وتصل لأسماعنا - هذا البلد بسبب استقلاله وبسبب إيمانه وبسبب اعتقاده بالإسلام، وبسبب اعتقاده بسيادة دين الله في الأرض والمجتمع، وبسبب القيم السامية التي يؤمن بها، له جبهة كبيرة من الأعداء يعملون دائماً. هم طبعاً يعملون منذ قرابة أربعين عاماً على شنّ هجماتهم وقد أخفقوا يقيناً، لقد أخفقوا إلى اليوم، وسيخفقون بعد الآن أيضاً بتوفيق من الله. وينبغي أن يكون لكم دور بالمعنى الحقيقي للكلمة في فرض هذا الإخفاق على العدو. إذن ينبغي أن تبنوا أنفسكم. إنني أطلب بجدّ من الأساتذة المحترمين ومن رجال الدين المحترمين الذين يتعاملون مع هؤلاء الشباب الأعزاء بهذه القلوب الطاهرة أن يبذلوا كل طاقاتهم لنقل تجاربهم وجاهزياتهم المعنوية والعلمية والروحية لهؤلاء الشباب الأعزاء. ستكونون في المستقبل رجالاً كباراً بتوفيق ولطف من الله وسوف يفخر البلد بكم إن شاء الله، إذا بذلتم مساعيكم.


أعداء الجمهورية الإسلامية يعملون منذ قرابة أربعين عاماً على شنّ هجماتهم وقد أخفقوا يقيناً، لقد أخفقوا إلى اليوم، وسيخفقون بعد الآن أيضاً بتوفيق من الله

نتمنى أن يوفقكم الله تعالى جميعاً، وسيكون غدكم أفضل من يومكم إن شاء الله، وهذا ما سيكون بتوفيق من الله، وسيكون مستقبل هذا البلد أفضل وأكثر تطوراً من حاضره بكثير. الاسم المبارك للإمام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه) مبعث بركة لكلامنا ومحفلنا، نتمنى أن تشملنا أدعية هذا الإنسان العظيم، وأن يكون شهداؤنا الأبرار وإمامنا الخميني الجليل راضين عنا وعن أدائنا.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته‌.


الهوامش:

1 - في بداية هذا اللقاء الذي تم في جامعة الشهيد ستاري للعلوم الجوية، تحدث اللواء عطاء الله صالحي (القائد العام لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية) كما تحدث العميد ثاني مهدي هاديان (آمر جامعة الشهيد ستاري).

2 - سورة سبأ، شطر من الآية 46 .

(Khm/ABNS)

الإمام الخامنئي يؤكد على أهمية وحدة القلوب ووحدة قوى البلاد في وصيته إلى الرئيس السابق


في بداية درس البحث الخارج* الذي يُدرِّسه سماحته. أشار الإمام الخامنئي إلى ما أثير مؤخراً حول النصيحة التي تقدم بها لرئيس الجمهورية السابق الدكتور محمود أحمدي نجاد. وأكد سماحته على وجوب تقديم النصيحة والمشورة للأخوة المؤمنين بما تقتضيه مصلحتهم ومصلحة البلاد.


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، سيما بقية الله في الأرضين.

تتمة الحديث السابق عن حضرة أبي حمزة الثمالي عن الإمام السجاد (سلام الله عليه)، حيث قرأنا فقرات من هذا الحديث في الأيام السابقة. «إن زُكّي خَافَ ما يقولون».

وقبل أن نتحدث عن هذه الفقرة، أقدم تنبيه وتذكير حيث يبدو أنه حصل سوء تصور للقضية التي طرحناها يوم أمس تعليقاً على الفقرة السابقة، حصل سوء تلقي لدى البعض. وسوء التصور ليس مشكلة في حد ذاته، ولكن حين يؤدي إلى لغط وجدل، وخصوصاً في الفضاء الافتراضي، فيقول هذا شيئاً ويقول ذاك شيئاً، ويتسبب الأمر في كدر وإحن بين الإخوة المؤمنين، فسيكون ذلك شيئاً سيئاً. إنني إذ أصرّ كل هذا الإصرار على وحدة القلوب والحركة في مسار واحد واتحاد قوى البلد، وخصوصاً القوى المؤمنة الثورية، لا سمح الله يقول المرءُ شيئاً يؤدي إلى اختلاف بين القوى، فهذا ما ينبغي أن نعوذ بالله منه. يجب أن لا نجعل هذه الأمور مبعث خلاف.


إنني أصرّ كل الإصرار على وحدة القلوب والحركة في مسار واحد واتحاد قوى البلد، وخصوصاً القوى المؤمنة الثورية

نعم، جاءني شخص، جاءني أحد السادة، وقلتُ له، بملاحظة صلاح حاله وصلاح حال البلاد، لا تشارك في القضية الفلانية. ولم أقل لا تشارك، قلنا: لا نرى من الصالح أن تشاركوا. هذا ما قلناه. وهذا بالتالي شيء عادي. يجب على الإنسان أن يقول لأخيه المؤمن ما يراه وما يفهمه وما يعتقد أنه لصالح إخيه المؤمن. ونحن في الغالب نعرف أوضاع البلاد أكثر من غالبية الأفراد. ونعرف الأشخاص، خصوصاً الأشخاص الذين كانت لهم مئات الاجتماعات واللقاءات بنا، نعرفهم أكثر وأفضل من الآخرين. في ضوء ملاحظة حال المخاطب وأوضاع البلاد يوصي الإنسان سيداً ويقول له: لا تخض في هذه القضية، فهذا يخلق استقطاباً وثنائية قطبية في البلاد. والاستقطاب حالة ضارة بالبلاد. لا أرى من الصالح أن تخوض في هذه القضية. نعم، هذا ليس بالشيء المهم جداً، فهو شيء طبيعي وبسيط جداً. نعم، هذا ما أوصينا به أحد السادة، أحد الإخوان. أن يؤدي هذا إلى اختلاف بين الإخوة المؤمنين فيقول أحدهم إن فلاناً قال، ويقول الآخر إنه لم يقل، ويقول آخر: لماذا لم يقل علناً خلف مكبر الصوت؟ طيب، هذا قول علني خلف مكبر الصوت (1).

والأعداء يرهفون السمع ويترصدون ليستغلوا. لاحظوا، كونوا دقيقين. وما شأن إذاعة «فردا» أو إذاعة «بي بي سي» بهذه القضية؟ يخوضون فيها ويناقشون ويحللون، وما السبب، ولماذا قالوا. فما معنى هذا؟ معناه أن العدو يريد الاستغلال. فماذا يجب علينا أن نفعل؟ علينا أن نسير في الاتجاه المقابل للعدو. أي إن القضية عادية جداً، كما قلتُ. أنت أخي المؤمن، وأرى شيئاً في مصلحتك فأقوله لك. ليس في هذا إشكال حسب الظاهر.


الأعداء يرهفون السمع ويترصدون (أي خلاف داخلي) ليستغلوه. لاحظوا، كونوا دقيقين

إنه شيء حسن. وهو لازم شرعاً. طلب الخير لازم. «النّصيحةُ لِلمُؤمنين»، أو «لِلإخوةِ المُؤمنين»، أو «لأئمّة المؤمنين»، في كل الأحوال. هذا شيء حسن بالتالي، ويجب على الإنسان أن ينصح. النصيحة معناها طلب الخير للآخرين. إنني أودّ حضرتك الذي اسمك من باب المثال الشيخ عبد العالي، وأدري أنك إذا خضت في هذه القضية فسيكون ذلك في ضررك. وبضرر البلاد أيضاً. فأقول لك لا تخض. ولا أقول لا تخض، ليس في القضية أمر ونهي. وقد قال البعض أن السيد قد أمر، لا، قلنا لا نرى في ذلك صلاحاً. أنا لا أرى صلاحاً. هذا شيء حسن، وليس شيئاً سيئاً.

و أنْ يقال إن فلاناً [القيادة] متأثرة بزيد وعمرو وبكر...، فلا، أيّ كلام هذا؟! إنني أكثر إطلاعاً من زيد وعمرو وبكر، ولديّ دوافع أكثر. ما يكون فيه المصلحة، وما أراه مصلحة بيني وبين الله، يجب أن نجيب أمام الله. من الأدعية التي يجب أن ندعوا أنا وأنتم وأمثالنا بها دوماً: «وَاسْتَعمِلْني لِما تَسْألُني غَداً عَنه»، سوف يسألوننا غداً.


البلد اليوم بحاجة إلى اتحاد القوى، وخصوصاً القوى المؤمنة. القوى العاملة. ليحاولوا أن لا يخلقوا خلافات من هذه الأمور.

لماذا قلتَ الشيء الفلاني، ولماذا لم تقله. يسألون عن عدم القول أيضاً. وليس السؤال عما قلتموه فقط. لماذا لم تقم بالعمل الفلاني، لماذا لم تفعل؟ يسألون عن عدم الفعل أيضاً. إذن، لا، لم تكن هذه الفقرة التي فسّرناها بالأمس مرتبطة بهذه القضية أساساً. كنا نفسر الحديث، كما أننا نفسّر الحديث اليوم. وتلك القضية على نفس ما قلناه. ليس من الصلاح أبداً الاختلاف بين الإخوة المؤمنين على هذه الأشياء. تقولون أنتم شيئاً، ويقول ذاك شيئاً، ويقول ذاك شيئاً. وهناك شخص ثالث ينتظر ويترصد بمجرد أن تتشاجروا يأتي إلى الميدان ويجني ربحه ويذهب. ينبغي الحذر من هذه الأمور. البلد اليوم بحاجة إلى اتحاد القوى، وخصوصاً القوى المؤمنة. القوى العاملة. ليحاولوا أن لا يخلقوا خلافات من هذه الأمور.


الهوامش:

1 - ضحك الإمام الخامنئي والحضور.

*درس البحث الخارج: المرحلة الأخيرة من الدراسة في الحوزات العلمية التابعة للمذهب الجعفري، سمي بالخارج كون الدارسة تتم فيه خارج نطاق الكتب التي يعتمدها الأستاذ في تحضير مادته.

(Khm/ABNS)

النص الكامل لكلمة الإمام الخامنئي بمناسبة ذكرى المولد النبوي: التشيع البريطاني والتسنن الأمريكي شفرتان لمقص واحد


بمناسبة حلول ذكرى ولادة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وحفيده الإمام الصادق (عليه السلام) التقى صباح يوم السبت 17/12/2016 مسؤولو النظام، ضيوف مؤتمر الوحدة الإسلامية الثلاثين، سفراء الدول الإسلامية ومختلف أطياف الشعب بقائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي حيث أكّد سماحته على أن كل الفرق الإسلامية يجب أن تسعى إلى تجاوز اختلافاتها الفكرية بفضل المشتركات الكثيرة التي تجمع بينها.


وفيما يلي النص الكامل لخطاب الإمام السيد علي الخامنئي خلال اللقاء:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، وعلى صحبه المنتجبين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أبارك الميلاد الميمون للرسول الأعظم سيد الكائنات والمخلوقات في عالم الوجود سيدنا محمد بن عبد الله، وكذلك الولادة الميمونة لسيدنا أبي عبد الله الصادق ابنه وحجة الله على الأرض خلال فترة الإمامة. نتمنى أن يوفقنا الله جميعاً وكل المسلمين وجميع الواعين في العالم لأن نعرف قدر هذه النعم وهذه العظمة وندركها ونسعى للسير على نفس ذلك الصراط المستقيم الذي دلنا عليه أركان عالم الوجود هؤلاء.

إن أهمية الوجود المقدس للرسول الأعظم (ص) من العظمة بحيث أن الله تعالى يمنّ على الإنسانية لأنه حباها هذه النعمة: «لَقَد مَنَّ اﷲُ على المُؤمِنينَ اِذ بَعَثَ فيهِم رَسولًا مِن اَنفُسِهِم». ويقول الإمام السجاد (عليه الصلاة والسلام) في الصحيفة السجادية: «اَلحَمدُ ﷲِ ِ الَّذي مَنَّ عَلَينا بِمُحَمَّدٍ نَبيه دونَ الاُمَمِ الماضية والقُرونِ السّالِفة». المنّة الإلهية لهذه العطية الضخمة للبشرية هي ما يصرح به القرآن الكريم والأئمة المعصومون. وهذه عظمة كبيرة. رحمة للعالمين تعبير استخدمه الله تعالى للإشارة إلى الرسول الأكرم (ص)، ليس لفرقة من البشر، وليس لجماعة من العالمين، لا، رحمة للعالمين، إنه رحمة للجميع. الرسالة التي جاء بها من الله تعالى هدية يهديها للبشرية. إنه يضع هذه البصيرة وهذا الدرب في متناول كل أفراد البشر. طبعاً يوجد هناك أشخاص من أصحاب السلطة والقوة والمال والعسف لا يرغبون للبشرية بأن تنال من مائدة الرحمة الإلهية الممدودة هذه، لذلك يعارضونها ويقفون بوجه هذه المسيرة الإلهية. ثم يقول الله تعالى تتمة لذلك: «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ ولا تُطِعِ الْكافِرينَ والْمُنافِقين» لا تسر وراءهم واحذر. ويقول في موضع آخر: «وجاهِدِ الْكُفَّارَ والْمُنافِقين‏، يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ والْمُنافِقينَ واغْلُظْ عَلَيْهِم» جاهد الكفار. يقول: جاهد ولا يقول قاتل الكفار والمنافقين. فقتال الكفار والمنافقين ليس لازماً دوماً، لكن الجهاد ضروري دائماً. قد يكون الجهاد أحياناً جهاداً سياسياً، وقد يكون في بعض الأحيان جهاداً ثقافياً، وقد يكون تارة جهاداً ناعماً، وقد يكون في حين آخر جهاداً صلداً، قد يكون بالسلاح حيناً، وقد يكون بالعلم حيناً آخر. كل هذا جهاد. ولكن ينبغي التفطن في كل هذه العمليات والممارسات إلى أن هذا جهاد ضد عدو، ضد عدو البشرية. ضد الأعداء الذين يفرضون وجودهم الثقيل ومطامعهم ضد البشرية مستخدمين قوتهم وأموالهم وعسفهم. إنه جهاد ضد هؤلاء. لا معنى للاستسلام لهؤلاء «اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين». كثيرة جداً الآيات القرآنية الكريمة التي تتحدث عن الرسول الأكرم (ص) وعن التعاليم التي تخاطب بها الرسول وتعلمه خطوة بعد خطوة وكلمة بعد كلمة كيفية بناء المجتمع الإسلامي الفتيّ. وهذه هي توصياتنا لأنفسنا ولشبابنا وللمبلغين الدينيين، ولمن يمسكون بأيديهم أزمّة أفكار الناس، بأن يراجعوا كل هذه الآيات القرآنية ويطلعوا على كل هذه المفاهيم في القرآن الكريم، فهي مجموعة متكاملة.

مشكلتنا أننا نغفل عن المجموعة الكاملة من التعاليم الإلهية التي يخاطب بها الرسول الأكرم (ص) وتوصيفات الله للرسول. لو وضعنا هذه المجموعة الكاملة نصب أعيينا فسوف يتجلى أمامنا ذلك السلوك الصحيح وذلك الصراط المستقيم الذي سار عليه الرسول الأكرم (ص). «إنك على صراط مستقيم» يجب العثور على هذا الصراط المستقيم. ما أرى من المناسب قوله في هذه الجلسة، حيث يحضر هنا إخوتنا وأخواتنا الأعزاء من بلدنا والضيوف الأعزاء لمؤتمر الوحدة من البلدان الأخرى، وسفراء البلدان الإسلامية المحترمون، من المذاهب الإسلامية المتنوعة، الشيعة والسنة ومن شتى النحل والمسالك الفكرية حاضرون في هذه الجلسة، ثم سوف تسمع هذه الكلمات، ما أرى من اللازم قوله هو أيها الأخوة الأعزاء أيتها الأخوات العزيزات إن العالم الإسلامي اليوم يمرّ بمحن كبرى، وسبيل حلّ هذه المحن هو الاتحاد الإسلامي.

الوحدة هي التآزر ومساعدة البعض للبعض وتجاوز الاختلافات المذهبية والفكرية. نظرة أجهزة الاستكبار والاستعمار للعالم الإسلامي اليوم هي أن تحاول إبعاد العالم الإسلامي عن وحدته أكثر فأكثر، فالوحدة تهديد وخطر بالنسبة لهم. مليار ونصف المليار مسلم، كل هذه البلدان الإسلامية بكل هذه المصادر وكل هذه الطاقات البشرية الهائلة إذا اتحدت وتحركت بوحدة نحو الأهداف الإسلامية فلن يستطيع الأقوياء مواصلة القرع على طبول قوتهم، ولن تعود أمريكا قادرة على فرض إرادتها على البلدان والحكومات والشعوب. ولن تعود الشبكة الصهيونية الخبيثة قادرة على الإمساك بالحكومات والقوى المختلفة في قبضة اقتدارها، وتوجيهها لصالح دربها وشؤونها. هكذا سيكون الحال إذا اتحد المسلمون. إذا اتحد المسلمون فلن يكون وضع فلسطين على ما نشاهده اليوم. إن وضع فلسطين اليوم وضع صعب، فالشعب الفلسطيني يتعرض في غزة بشكل وفي الضفة الغربية بشكل لضغوط يومية شديدة. يريدون إبعاد قضية فلسطين عن الأذهان وإنسائها. منطقة غرب آسيا - والتي تضمّ بلداننا هذه - وهي منطقة حساسة واستراتيجية للغاية سواء من الناحية الجغرافية أو من حيث المصادر الطبيعية أو من حيث المعابر البحرية، إنها منطقة حساسة، يريدون أن يشغلوا هذه المنطقة بنفسها، وأن يقف المسلمون في وجه المسلمين، والعرب ضد العرب، فيستهدفوا بعضهم البعض ويقضي بعضهم على بعض.


يريدون لجيوش البلدان الإسلامية، وخصوصاً جيوش البلدان المجاورة للصهاينة أن تؤول إلى الضعف يوماً بعد يوم. هذا هو هدفهم. هناك اليوم إرادتان متعارضتان في هذه المنطقة. إحداهما إرادة الوحدة والثانية إرادة التفرقة. إرادة الوحدة هي ما يريده المؤمنون، فهتاف الاتحاد واجتماع المسلمين يرتفع من الحناجر المخلصة ويدعو المسلمين إلى التركيز على القواسم المشتركة بينهم. إذا كان هذا وتحققت هذه الوحدة فسوف لن يكون وضع المسلمين اليوم هذا الذي نشاهده على هذا الشكل، وسوف يكتسب المسلمون العزة. لاحظوا اليوم أن هناك تقتيلاً للمسلمين من أقصى شرق آسيا في ميانمار إلى غرب أفريقيا في نيجيريا وما شابه. في كل مكان يقتل المسلمون سوية على أيدي البوذيين، ويقتلون في مكان ما على أيدي بوكوحرام وداعش وما شاكل. وهناك البعض يصبّون الزيت على هذه النيران، والشيعة البريطانيون مثل السنة الأمريكيين، كلاهما شفرتا مقصّ واحد يحاولون أن يوقعوا بين المسلمين. هذه هي رسالة إرادة التفرقة، وهي إرادة شيطانية. أما رسالة الوحدة فهي أن يتجاوز المسلمون هذه الاختلافات ويتحدوا ويتعايشوا ويعملوا سوية.


لاحظوا في الوقت الحاضر التصريحات التي يطلقها المستكبرون ومحتلو الأجواء الحيوية للشعوب، وستجدون أنها دعوة للتفرقة. كان يقال منذ القدم للسياسة البريطانية بأنها سياسة «فرّق تسد». كن سيداً بفضل التفرقة. هكذا كانت السياسة البريطانية يوم كان لها سلطة واقتدار. واليوم أيضاً يواصل عتاة العالم الماديون هذه السياسة سواء أمريكا أو حتى بريطانيا مرة أخرى في هذه الآونة الأخيرة. لقد كان البريطانيون في منطقتنا مصدر شرور دائماً، كانوا مصدر نكبات للشعوب دائماً، والضربات التي وجهها البريطانيون لحياة الشعوب في هذه المنطقة ربما قلّ أن يكون لها نظير من ضربات وجهتها قوة لمنطقة في العالم. لقد وجهوا تلك الضربات لشبه القارة الهندية التي تضمّ اليوم الهند وبنغلادش وباكستان، ومارسوا الضغوط على الناس، وفي أفغانستان بشكل، وفي إيران بشكل، وفي العراق وتلك المناطق بشكل. وبالتالي مارسوا في فلسطين ذلك التحرك المشؤوم الخبيث وفرضوا التشرد على المسلمين وعلى شعب، حيث طردوا الشعب الفلسطيني من دياره. بلد تاريخي مسجل منذ عدة آلاف من السنين باسم فلسطين زال بسبب سياسة البريطانيين. منذ قرنين فصاعداً، منذ قرنين ونيّف، أي منذ 1800 فصاعداً لم يصدر أي شيء عن البريطانيين في هذه المنطقة سوى الشرور والفساد والتهديد. وإذا بذلك المسؤول البريطاني يأتي إلى هنا ويقول إن إيران تهديد للمنطقة. إيران تهديد للمنطقة؟ لا بدّ من درجة عالية من انعدام الحياء يحتاجه الذين تسببوا طوال الزمن في تهديد المنطقة ونكباتها حتى يتهموا بلدنا المظلوم العزيز. هكذا هم هؤلاء. منذ أن لوحظت مؤشرات الصحوة الإسلامية في هذه المنطقة ازدادت نشاطات بث التفرقة. لقد اعتبر هؤلاء التفرقة وسيلة للسيطرة على الشعوب.


منذ أن ساد الشعور بوجود أفكار جديدة في هذه المنطقة، أفكار إسلامية جديدة عن صمود الشعوب وإحيائها ووقفتها، وإذا بتحركات الأعداء الرامية إلى التفرقة تزداد. وعندما قام النظام الإسلامي في إيران ورفع راية الإسلام ورفع القرآن على يديه وقال بفخر إننا نعمل بالإسلام وكان له السلطة والسياسة والإمكانيات والجيش والقوات المسلحة وكل شيء واستخدم كل هذه العوامل وعززها يوماً بعد يوم، ازدادت هذه التحركات الرامية إلى التفرقة. شددوا هذه التحركات الهادفة إلى التفرقة من أجل مواجهة هذه النهضة الإسلامية بهذه العزة الإسلامية. لقد كان الإسلام خطراً عليهم عندما يدفع المسلمين إلى اليقظة. أما ذلك الإسلام الذي ليس له حكومة ولا جيش ولا جهاز سياسي ولا أموال وليس له شعب كبير مجاهد، فهو يختلف عن إسلام يمتلك كل هذه العناصر. الجمهورية الإسلامية أرض واسعة، وشعب مجاهد، وجماهير شابة متحفزة مؤمنة، ومعادن غنية، ومواهب أعلى من المتوسط العالمي، وهناك حركة نحو العلم والتقدم، إيران هذه طبعاً تشكل خطراً بالنسبة لهم، لأنها ستتحول إلى نموذج أمام الشعوب المسلمة، وهذا ما يعادونه ولا يريدونه. وحين يدعون اللين والمرونة في حين من الأحيان فهم يكذبون وباطن أمرهم العنف والعسف. ينبغي معرفتهم وفهمهم. ينبغي للشعوب أن تكون مستعدة لمواجهة هذا العدو الذي لا أخلاق له ولا دين ولا إنصاف، وله ظاهر مهندم أنيق وهو في الباطن وحش بكل معنى الكلمة. ونعتقد أن أبرز استعداد في الوقت الحاضر هو الاتحاد بين المسلمين. ليحذر المسلمون من إيجاد الخلافات، ولا فرق في ذلك بين أيّ من الفرق من سنة وشيعة. على كل الفرق الإسلامية أن تسعى إلى تجاوز اختلافاتها الفكرية بفضل المشتركات الكثيرة التي تجمع بينها.


الرسول الأعظم (ص) هذا الوجود المقدس هو القطب الذي تتجمع حوله كل محبة الشعوب المسلمة ومودتهم. الكل يعشقون الرسول الأكرم (ص) باعتباره قطباً. هذه هي النقطة المركزية. القرآن هو موضع توجه واعتقاد كل المسلمين. وكذلك الكعبة الشريفة، وكم المشتركات بين المسلمين كثيرة. ليهتم المسلمون بهذه المشتركات ويركزوا عليها، وليعرفوا عملاء الأعداء وعملاء الاستكبار في المنطقة. للأسف يأتي ذلك العدو الصريح ويقول: أنتم أعداءٌ بعضكم لبعض، وهذا البلد خطرٌ عليكم يهددكم، أي إنكم أعداؤهم وهم أيضاً أعداؤكم. العدو هو الذي يقول هذا، والأمر واضح بالتالي. الذين يسمعون كلامه وهم يعيشون ويحكمون بظاهر إسلامي وباسم إسلامي لماذا يقبلون هذا منه ولماذا يصدقون كلامه، ولماذا يتماشون معه؟ بعض حكومات المنطقة تتماشى للأسف مع أعداء الإسلام وأعداء الأمة الإسلامية العلنيين، وتتبعهم. ما أقوله لشعبنا، للشعب الإيراني العزيز الذي خرج من الامتحان مرفوع الرأس حقاً خلال هذه الأعوام التي أعقبت تأسيس نظام الجمهورية الإسلامية وكذلك الأعوام التي أفضت إلى الثورة الإسلامية وتأسيس نظام الجمهورية الإسلامية، ما أقوله هو أن لا تتركوا هذا الدرب الذي هو درب إمامنا الخميني الجليل ودرب الثورة وتابعوه، فعزة الدنيا والعزة في الملأ الأعلى رهن بأن نسير على هذا الدرب. إنه درب التمسك بالقرآن والعترة، ودرب الاعتصام بالأحكام الإلهية، ودرب الصمود بوجه الأعداء، وطريق عدم التردد في قول الحقيقة والدفاع عنها. هذا هو الدرب الذي لو سار عليه شعبنا وقد سار عليه لحد الآن والحمد لله، فقد سار خلف مسؤولي البلاد، إذا واصل هذا الطريق والكفاح فسوف يضمن دنياه وآخرته، ويمكن لمسلمي العالم الآخرين أن ينتفعوا أيضاً. إننا ندعو كل المسلمين والبلدان الإسلامي إلى التآزر ومساعدة بعضهم لبعض. وهذه دعوة لصالح الجميع.

نتمنى أن ينزل الله تعالى خيراته وبركاته ورحمته على كل أبناء الأمة الإسلامية وعلى كل البلدان الإسلامية وعلى كل الشعوب المسلمة، وأن يزيل شرور الأعداء عن المنطقة إن شاء الله.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

(Khm/ABNS)

كلمة الإمام الخامنئي في لقائه أعضاء اللجنة المسؤولة عن إحياء ذكرى أربعة آلاف شهيد من محافظة جلستان


شهد يوم الاثنين الواقع في 5/12/2016 لقاء قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي بأعضاء اللجنة المسؤولة عن إحياء ذكرى أربعة آلاف شهيد من محافظة جلستان، حيث ألقى سماحته كلمة أكد خلالها على أهمية دور الشهداء في بناء الجمهورية الإسلامية والحفاظ عليها، وكذلك الدور البارز لأهالي محافظة جلستان في التصدي لمخططات الأعداء من خلال تعايش المذاهب الإسلامية المختلفة في هذه المحافظة جنباً إلى جنب بكل ود وصفاء.


وفي مايلي الترجمة الكاملة لنص الكلمة التي ألقاها سماحته خلال هذا اللقاء:

بسم الله الرحمن الرحيم (1)

مرحباً بكم كثيراً أيها الأخوة الأعزاء والأخوات العزيزات المتفضلين بالحضور هنا. أشكر حضرة السيد نور مفيدي وباقي الإخوة العاملين الذين أسستم وعملتم لإنجاز هذه المهمة الكبيرة وهذا التحرك الباقي بخصوص الشهداء الأبرار من تلك المنطقة.

قضية الشهداء قضية على جانب كبير من الأهمية، ولا نزال لحد الآن لم نقيّم تقييماً واقعياً أهمية العمل الذي قام به شبابنا خلال هذه المدة الطويلة بعد انتصار الثورة الإسلامية وإلى هذا اليوم، لا سيما في فترة الدفاع المقدس. أي إننا لا نزال ربما لم نشخّص حتى الوزن الحقيقي الواقعي لهذا العمل الذي قاموا به لحراسة الثورة والنظام الإسلامي والبلاد والعزة الوطنية ومستقبلنا وتاريخنا، لكننا فضلاً عن ذلك لم نظهر هذا العمل ولم نسلط عليه الأضواء ولم نبرزه. لذلك فهذه الأعمال التي تقومون بها في هذا الاتجاه وعلى هذا الصراط لهي أعمال قيمة جداً.

طيب، لقد كانت كلمة حضرة السيد نور مفيدي وافية، فقد طرح أموراً جيدة وصحيحة تماماً حول قضايا الثورة، وكذلك كانت كلمات بقية السادة. مع أن بعض هذه الأمور التي قيلت تتعلق بهيئة الحكومة وما شاكل، لكنها كانت على كل حال آراء وأموراً حول منطقة مهمة هي منطقة جلستان.

لنذكر جملة من النقاط حول مناقب جلستان وحسناتها. منطقة جلستان منطقة - والحق يقال - من المناطق الممتازة من حيث الطاقات الإنسانية والشعبية ولأسباب متعددة أخرى. أولاً هناك نقطة شدد عليها السيد نور مفيدي وهي على جانب كبير من الأهمية، تتعلق بالتعايش الإيجابي والمؤثر الذي يعيشه الناس هناك ما بين الأقوام والمذاهب في جرجان وفي منطقة جلستان وتركمن صحرا، وهذا شيء على جانب كبير من الأهمية. إن الأموال التي تنفق الآن لنشر الخلافات بين المذاهب الإسلامية وبين السنة والشيعة، وعلى حد تعبير الأجانب غرف العمليات الموجودة اليوم والتي يجلسون فيها ويفكرون ويخططون ويبرمجون، لو شرحت هذه الأمور للناس لاعتراهم الذهول حقاً من كل هذا العمل الجاري من أجل أن لا يترافق ولا يتعايش شخصان مسلمان أحدهما سني والآخر شيعي إلى جوار بعضهما، ولا يتحدث أحدهما للآخر، ويكونا متغاضبين متزاعلين متعاديين يحملان السلاح أحدهما ضد الآخر. على الرغم من كل هذا، يحدث في إيران الإسلامية على العكس تماماً مما يريدونه، ومن أفضل المناطق في هذا الخصوص منطقة جلستان، وقد جئتها قبل الثورة الإسلامية وزرتُ مدناً مثل جنبد قابوس، وجرجان، ومدناً أخرى مثل جاليكش، وأعلم كم يسعى الناس ويجدّون في الحفاظ على هذا التعايش والتعاون والمحبة بين الجانبين. هذه حالة لها قيمة كبيرة ويجب الحفاظ عليها ومواصلتها. قبل سنين من الآن عندما جئتُ في زيارة إلى جرجان ذهبت إلى مدينة جنبد قابوس ليوم واحد أو نصف يوم، ولا أتذكر على وجه التحديد كم كانت المدة (2). الناس الذين كانوا يبدون لنا المودة في جنبد قابوس كانت غالبيتهم الساحقة من إخوتنا أهل السنة. وهذا على الضدّ تماماً مما يعمل له اليوم السعوديون والتكفيريون ومن ورائهم أمريكا والأجهزة التجسسية مثل السي آي أي والإينتلجنسيا وما شابه. هذا على العكس تماماً من ذاك. بمعنى أنه عمل سياسي هادف وموجّه وصحيح وقاطع وحاسم بالمعنى الحقيقي للكلمة. هذه منقبة من مناقب منطقة جلستان أعتقد أنها على جانب كبير من الأهمية.


الناس الذين كانوا يبدون لنا المودة في جنبد قابوس كانت غالبيتهم الساحقة من إخوتنا أهل السنة. وهذا على الضدّ تماماً مما يعمل له اليوم السعوديون والتكفيريون ومن ورائهم أمريكا

في الآونة الأخيرة - قبل أشهر من الآن - وصلتني رسالة من عائلة تلك السيدة التركمنية التي استشهدت في حادثة منى (3). كتبت لي عائلة هذه السيدة أنها حين ذهبت إلى مكة وأشهدت شخصاً على أنها زارت بالنيابة عني - إما في هذه الزيارة أو الزيارة التي قبلها - وهذا على جانب كبير من الأهمية. سيدة تركمنية من دون أن أعرفها أو أعرف اسمها، تذهب بالنيابة عني إلى زيارة مكة والحج وتشهد على ذلك - أي إنها عملت استشهاداً لذلك وكتبته ووقعته وقد بعثوه لي قبل عدة أشهر - هذه من الأمور التي تعدّ من نقاط القوة الحقيقية في بلادنا ولدى شعبنا. حين يقال حرب غير متكافئة فمعنى ذلك أن أحد الطرفين يتوفر على وسائل وأدوات لا يتوفر عليها الطرف الآخر، بل إنه لا يعرفها أحياناً. وهذا أحد المصاديق. هذه المودّة وهذه العلاقات وهذا التناسق والانسجام أمور لا يعلمها بل لا يعرفها أصلاً الطرف المقابل لنا - وهو الاستكبار العالمي والصهيونية وأمريكا - ولا يستطيع تحليلها، وهي غير ممكنة التحليل من قبلهم. هذه نقطة.

النقطة الأخرى هي وفاء هؤلاء الأهالي للثورة وقضايا الثورة. قدمتُ إلى جرجان في سنة 43 [1964 م] وكنتُ خطيب منبر هناك. بعد نحو سنة من أحداث الخامس عشر من خرداد [5 حزيران 1963 م]، وكانت العشرة الثانية أو الثالثة من شهر صفر. التحرك الذي كان يبديه الناس والترحيب الذي يبدونه والهياج الذي كانوا يعيشونه كان مدهشاً بالنسبة لي ودليلاً على صحوة الناس وحبهم لهذه الحركة. ولم تكن الأحداث والأمور قد تصاعدت كثيراً في ذلك الحين، ولم يكن الكفاح قد عمّ وانتشر بشكل واسع.

ثم جاءت أحداث الثورة. ونفس قضية الخامس من آذر هذه [26 تشرين الثاني 1978 م] التي أشار لها السادة (4) كانت يوماً مهماً في أحداث جرجان. سمع أهالي جرجان أحداث الهجوم على مرقد الإمام الرضا (ع) في مشهد فانتفضوا تلقائياً، لم يدعهم أحد ولم يستقبلهم ولم يدعمهم أحد، إنما جاؤوا إلى وسط الساحة من تلقاء أنفسهم وتعرضوا للهجوم طبعاً. وحدث نفس هذا بعد أسبوع أو أسبوعين في مدينة جنبد قابوس، وحدث الشيء نفسه أيضاً في مدينة جاليكش، أي إن الجماهير نزلت إلى الساحة. أو في بدايات الثورة حيث قام الماركسيون بتلك الحركة هناك - تلك المذبحة والمطالبة بالتجزئة وما إلى ذلك - الشيء المهم الذي استطاع إنقاذ جرجان أو تلك المنطقة أو إنقاذ تركمن صحرا هو صمود الجماهير. لأن أولئك الذين كانوا قد ذهبوا إلى هناك وعشعشوا واستقطبوا بعض الأفراد من هناك، لم يكن لهم دعامة ورصيد شعبي. وحين لا يكون لجماعة ما رصيد شعبي فسرعان ما ستهزم. لقد كان الناس والشعب مع هذا الجانب، أي مع الثورة وإلى جانب الإمام الخميني. على كل حال مناقب هؤلاء الناس كثيرة والحمد لله.

وفي فترة الدفاع المقدس أيضاً، تألق أفراد الجيش من جلستان وجرجان في الفرقة الثلاثين التي أشاروا لها (5) وتألقوا كذلك في الفرقة 25 من الحرس الثوري التي اجتمعت من مناطق جلستان وجرجان، تألقوا تألقاً حقيقياً وأنجزوا أعمالاً كبيرة، وقد أشاروا الآن إلى بعض هذه الأعمال. وذات يوم كان السيد نور مفيدي موجوداً حيث ذهبتُ إلى المركز وحضر هناك جماعة من الأعزاء من جرجان منهم على ما أتخطر المرحوم السيد طاهري (6)، تغمّده الله برحمته ورفع من درجاته، فقد كان له دور كبير. على كل حال مشاركتهم هذه في ميادين الحرب ونشاطاتهم التي قاموا بها كانت نشاطات استثنائية. ومهما تحدثنا عن أهالي جرجان في هذا الخصوص فلن يكون كثيراً. إنني أهدي السلام من هنا لكل فرد من أهلنا وشعبنا الأعزاء من الشيعة والسنة وخصوصاً لعلماء المنطقة من شيعة وسنة، وليتحمل حضرة السيد نور مفيدي هذا الجهد عنّا ويبلغ سلامي لكل العلماء هناك ولكل المسؤولين الناشطين هناك، وكذلك لكل الأهالي والناس في تلك المنطقة، فأنا أشعر حقاً بالمحبة والثقة والإخلاص تجاه أهالي جرجان.


إنني أهدي السلام من هنا لكل فرد من أهلنا وشعبنا الأعزاء من الشيعة والسنة وخصوصاً لعلماء المنطقة من شيعة وسنة

ينبغي أخذ قضية الشهداء مأخذ الجد كما أسلفنا. ينبغي أن نرى للشهداء نفس القيمة التي يراها لهم الله تعالى حيث قال: «يقاتِلونَ في سَبيلِ اللهِ فَيقتُلونَ ويقتَلونَ وَعداً عَلَيهِ حَقًّا فِي التّوراةِ والاِنجيل وَالقُرآن» (7). هؤلاء الذين يجاهدون في سبيل الله ويضعون أرواحهم على الأكف هناك قيمة لقتلهم الأعداء ولقتل الأعداء لهم، وقد وعد الله تعالى برحمتهم. ولدينا في الروايات أن الذي يقدم روحه في هذا السبيل يبقى موجوداً حاضراً في هذه النشأة، ولا يخرج منها،

ويشاهد علامات الرحمة الإلهية. فثمة في الروايات أنه بمجرد أن يسقط الشهيد عن فرسه - وكانوا يحاربون على الخيول وقتذاك - يتلقى الوعد الإلهي ويراه قبل أن يصل إلى الأرض. أي إنه حتى في هذه النشأة تتفتح عيناه ويرى الحقيقة والرحمة الإلهية والفضل الإلهي ويتلقاه بشكل ملموس. هذه هي قيمة الشهداء. لو لا هذه الشهادات والتضحيات لما بقي هذا النظام ولتعرضت هذه الغرسة لهجمات الطوفانات والعواصف العاتية. السبب في بقاء هذا النظام وعدم زوال هذه الغرسة التي تبدلت والحمد لله إلى شجرة متينة قوية هو هذه التضحيات وحالات الإيثار والاستشهاد والنزول إلى ساحات الوغى. ينبغي الحفاظ على هذه الروح، وينبغي معرفة العدو ومعرفة كيده.


ينبغي أخذ قضية الشهداء مأخذ الجد؛ ينبغي أن نرى للشهداء نفس القيمة التي يراها لهم الله تعالى

لاحظوا ما يجري في الوقت الحاضر على المستوى العالمي، عندما يكون للاستكبار خطة جذرية لهذه المنطقة فالنقطة المركزية فيها هي إيران. لماذا؟ بسبب الثورة الإسلامية وبسبب هذا الشعب المؤمن وبسبب الإيمان الإسلامي المتحقق والموجود هنا. إننا نتعرض للكثير من الهجمات، ولحسن الحظ فقد منحنا الله تعالى القدرة والقوة، ومنحنا الطاقات الإنسانية، وبلدنا بلد مبارك وبلد خيرات وبلد كبير له عدد ضخم من السكان وله جيل شاب موهوب وبصير ومتوثب وناشط. هذه هي إمكانياتنا وهي ليست بالإمكانيات القليلة بل هي إمكانيات وطاقات عظيمة هائلة فيجب استخدامها وتوظيفها. والمخاطب بهذا الكلام بالدرجة الأولى هم المسؤولون ثم كل واحد من أبناء الشعب. الكل يجب أن يشعروا بأن عليهم واجبات تجاه هذا الحدث العظيم الذي وقع، أي ارتفاع راية الإسلام، فهذا ليس بالشيء القليل. في تلك الفترة التي انصبت فيها مساعي كل الأيدي والسياسات والقوى على عزل مطلق الدين والدين الإسلامي على وجه الخصوص، أنْ يستطيع أكثر الأديان حيوية أي الإسلام العزيز وأبلغ النصوص الإلهية أي القرآن الكريم القيامَ والنهوضَ في بلد من البلدان والانتشار في كل ذلك البلد، وفضلاً عن هذا أنْ يستطيع تجاوز الحدود الجغرافية والانتشار في مناطق العالم المختلفة، فهذا حدث عجيب ومهم للغاية. شاهد العدوّ هذا الحدث وشعر بالخطر وبدأ النشاط والعمل ضد النظام الإسلامي منذ اليوم الأول، ولم يستطيعوا فعل شيء لحد اليوم بحمد الله ولن يستطيعوا فعل شيء بعد الآن أيضاً بالتأكيد وبفضل من الله. لكن شرط ذلك هو أن نشعر جميعاً بالمسؤولية ونعمل بمسؤولياتنا كل واحد من موقعه، ونجعل بحق واجبنا الأول والأصلي الدفاع عن النظام الإسلامي، وننظم تحركاتنا على هذا الأساس. عملكم هذا وهو إحياء اسم الشهداء وذكراهم وتكريمهم وإقامة مراسم لإحياء ذكراهم هو بلا شك في هذا الاتجاه ومؤثر في هذا السبيل وسيكون إن شاء الله صدقة جارية وحسنة باقية وسيجزيكم الله تعالى عنه الأجر والخير.

حاولوا إيصال منشوراتكم ونتائج عملكم هذه إلى المتلقين والأذهان. أي لا نقنع فقط بأننا أنتجنا كتاباً، وإنتاج الكتب مهم بلا شك وكذلك إنتاج الأفلام والنتاجات الفنية، كلها مهمة، ولكن من المهم إلى جانب ذلك أيضاً العثور على المتلقين والمخاطبين، أو بمعنى من المعاني إنتاج المتلقين. حاولوا أن توصلوا الكتاب إلى أذهان المتلقين. شبابنا اليوم بحاجة إلى الغذاء الفكري. الكثير من شبابنا في الوقت الحاضر بمن فيهم الشباب الناشط والصالح لم يدركوا الثورة ولم يشهدوها ولم يشهدوا زمن الإمام الخميني ولم يدركوا فترة الحرب وهم غير مطلعين على هذه القضايا والأحداث المتنوعة. وقد أشرتم الآن إلى الخامس من آذر، طيب، هل يعلم شباب جرجان ما الذي حدث في الخامس من آذر؟ هذا شيء على جانب كبير من الأهمية. ليعلموا ما الذي حدث في الخامس من آذر من حدث سجّله التاريخ. هذا هو المهم. من المهم جداً أن يعلم الشباب تاريخهم وماضيهم وفي الواقع هويتهم الثورية. حاولوا أن تقوموا بهذه المهمة في حدود الإمكان وبقدر الاستطاعة. وهذا أيضاً يحتاج إلى عمل أي إنه ليس بالعمل البسيط. الأصعب من كتابة الكتاب إيصال الكتاب إلى أنظار وأذهان المتلقين والقراء، فهذا شيء بحاجة إلى فن ودقة، وفيه دقائق ينبغي أن تتقنوها لتستطيعوا إيصال هذه المضامين إلى أذهان المخاطبين والمتلقين.


هذا الانسجام والتعايش والتحاور والتعاطف السائد هو أكبر سلاح ضد أعداء إيران وضد أعداء الإسلام والقرآن

نفس قضية السنة والشيعة هذه التي طرحت - وقد ذكرها (8) وذكرتها أنا أيضاً - قضية مهمة للغاية، ويجب أن يعلم شباب الشيعة والسنة كم هي مهمة. إن الأعداء ينتهزون اليوم هذه الخلافات وهذه الامتعاضات التي تحصل أحياناً إما من هذا الطرف أو ذاك. جماعات مثل داعش والتكفيريين يستغلون مثل هذه الأمور والأشياء، وينبغي أن نحول دون استغلالهم لهذه الأمور، وهذا غير متاح إلّا حين يعلم الشباب الشيعة والشباب السنة أن العمل الذي يقومون به الآن وهذا الانسجام والتعايش والتحاور والتعاطف السائد بينهم شيء كبير جداً وهو أكبر سلاح ضد أعداء إيران وضد أعداء الإسلام والقرآن. ليعلموا هذا وليحافظوا عليه. ينبغي أن ننقل هذه الأفكار بشكل ملموس إلى أذهان متلقينا الشباب.

وفقكم الله تعالى ورفع من درجات الماضين منكم وعلماء جرجان الكبار الذين تعرفنا على بعضهم عن قرب والتقينا بهم. وزاد الله تعالى من توفيق الأصدقاء الأعزاء العاملين الآن مثل حضرة السيد نور مفيدي وأنتم وباقي الإخوة الناشطين لتستطيعوا قطع خطوات راسخة ثابتة في هذا السبيل إن شاء الله.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



الهوامش:

1 - في بداية هذا اللقاء الذي أقيم في إطار اللقاءات الجماعية، تحدث حجة الإسلام والمسلمين السيد كاظم نور مفيدي (ممثل الولي الفقيه في محافظة جلستان وإمام جمعة مدينة جرجان مركز محافظة جلستان)، كما تحدث السيد حسن صادق لو (محافظ جلستان ورئيس مؤتمر إحياء ذكرى أربعة آلاف شهيد من المحافظة)، وتحدث اللواء ثاني حرس ثوري رحمة الله صادقي (آمر حرس نينوى في محافظة جلستان وأمين عام المؤتمر). وقد أقيم هذا المؤتمر في الخامس عشر من كانون الأول 2016 م في محافظة جرجان (شمال شرق البلاد).

2 - زيارته لمدينة جرجان مركز محافظة جلستان بتاريخ 18 تشرين الأول 1995 م، ولمدينة جنبد قابوس إحدى مدن المحافظة بتاريخ 19 تشرين الأول 1995 م.

3 - السيدة مرجان نازقلچي (قائمة مقام قضاء بندر تركمن السابقة).

4 - إشارة إلى أحداث الخامس من آذر سنة 1357 هـ ش، 26 تشرين الثاني 1978 م.

5 - إشارة إلى كلمة أمين عام المؤتمر.

6 - حجة الإسلام والمسلمين السيد حبيب الله طاهري جرجاني (ممثل أهالي جلستان في مجلس خبراء القيادة).

7 - سورة التوبة، شطر من الآية 111 .

8 - ممثل الولي الفقيه في محافظة جلستان وإمام جمعة مدينة جرجان مركز المحافظة.

(Khm/ABNS)

الإمام الخامنئي لدى لقائه حشوداً من التعبويين: الشكر لشعب العراق على استضافته ومحبته وإدارته الحشود الهائلة


بمناسبة أسبوع التعبئة التقى الإمام الخامنئي صباح يوم الأربعاء 23/11/2016 حشودا من التعبويين في حسينية الإمام الخميني (قدس سرّه). خلال خطابه أشار الإمام الخامنئي إلى مسيرة الأربعين التي جرت مؤخرا ووجّه جزيل شكره للشعب العراقي المضياف على كرمه وحسن إدارته، كما تطرأ سماحته إلى حقيقة الوعد الإلهي شارحا حقيقة هذا الوعد وقدرة من يتّق الله على التغلبّ على قوة توازي عشرة أضعاف قوة أمريكا الحالية. أضاف الإمام الخامنئي: إذا جرى تمديد الحظر فهو نقض للاتفاق النووي وليعلموا أن الجمهورية الإسلامية سوف تبدي رد فعل حيال ذلك يقيناً.


وفيما يلي الترجمة العربية الكاملة لنص الكلمة التي ألقاها سماحته:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، سيما بقية الله في الأرضين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.

جلستنا جلسة طيبة ومحببة جداً، فأريج الروح التعبوية يعطر الأجواء. وقد استفدنا واستمتعنا بكلمات هؤلاء الأعزاء الذين عبّر كل واحد منهم بنحو من الأنحاء عن حقيقة حلوة ذات أهمية. والكلام معكم أيها الأعزاء التعبويين - الشباب من بنين وبنات - كثير.

سوف أشير اليوم إلى جملة من النقاط حول التعبئة، ولكن لنقل شيئاً في البداية بمناسبة هذه الأيام وبمناسبة هذه المظاهرة العظيمة الضخمة التي هي بحق ظاهرة تاريخية عظيمة. عادة في مثل هذه الظواهر التي شاهد الإنسان أنها غير مدعومة بإعلام ودعاية لكنها تبرز فجأة كظاهرة في نطاق مشاهدة الإنسان، عادة ما تكون اليد الإلهية مشهودة أكثر من المواطن الأخرى. من النماذج على ذلك الثورة الإسلامية نفسها، والكفاح الذي سبق الثورة محفوظ في محله، ولكن حصل تواجد شعبي ومشاركة جماهيرية واسعة طوال سنة أو سنة ونصف في بلد واسع كبير مثل بلدنا. نفس الشعار الذي كانت الجماهير ترفعه في طهران كان الناس يرفعونه في القرية الفلانية البعيدة التي خرج الناس فيها للمظاهرات. لذلك كان الإمام الخميني في ذلك الحين - كما أبلغونا - يقول إن هذه الثورة سوف تنتصر لأن فيها علامات وجود اليد الإلهية القوية. وفي مرة أخرى قال لي شخصياً إنني شاهدت طوال هذه الثورة يد قدرة خلف هذه الحركة الشعبية العظيمة. هكذا هي التحركات الشعبية الجماهيرية. وكذلك كانت قضية احتلال وكر التجسس [السفارة الأمريكية في طهران]، وكذلك كانت الأحداث والقضايا التي وقعت بعد ذلك في هذا البلد. وهكذا هي قضية التاسع من دي [30 كانون الأول] التي حدثت مؤخراً، ومراسم الاعتكاف هي الأخرى من هذا القبيل.


قال [الإمام الخميني] لي شخصياً إنني شاهدت طوال هذه الثورة يد قدرة خلف هذه الحركة الشعبية العظيمة.

هذه ظواهر لا ترصد لها أية دعاية أو إعلام ولا تبذل أية جهود ومساع مسبقة لإنجازها. لاحظوا أنه من أجل أن يجتمع عشرة آلاف شخص أو خمسون ألف شخص في مكان واحد كم تبذل جهود إعلامية ودعائية في العالم، ثم لا يحصل ما يريدون. وهنا رغم وجود الموانع والعقبات الكثيرة، قام من إيران فقط مليونا شخص للمشي ثمانين كيلومتراً – للمشي، وليس للذة والاستمتاع والتراخي في الفنادق - وذهبوا إلى كربلاء، وعدة أضعاف ذلك من العراق نفسه ومن الأماكن الأخرى. هذا حدث إلهي وظاهرة إلهية. وهذا يدل على أن هذا الدرب هو درب العشق، لكنه ليس عشقاً جنونياً بل هو عشق مصحوب بالبصيرة، كعشق أولياء الله لله «اَللٰهُمَّ ارزُقني حُبَّك وحُبَّ مَن يحِبُّك وحُبَّ كلِّ عَمَلٍ يوصِلُني اِلىٰ قُربِك» (2). هذا الحب وهذا العشق عشق مرفق بالبصيرة، فالإنسان يعلم ويفهم وتجذبه هذه الجاذبية وهذا المغناطيس. إذن الأمر أمر كبير، والظاهرة ظاهرة عظيمة. أولاً أرحب بالذين وُفّقوا وشاركوا وأسأل لهم من الله قبول أعمالهم، وأبدي غبطتي لعملهم هذا فقد كنا محرومين وهم قد وُفّقوا. وأتقدم بالشكر لشعب العراق الذي استضاف وأبدى المحبة، واستطاع إدارة هذه الحشود الهائلة في هذه الأيام. الحدث حدث مهم بشكل استثنائي.

حسناً، وما النتيجة الآن؟ أريد القول إنه يجب شكر مثل هذه الأحداث التي ترون يد القدرة الإلهية من ورائها بوضوح، وتشاهدون بركاتها. يجب أن نشكرها، فإذا شكرناها بقيت وإذا لم نشكرها زالت وسُلبت. لو لم يكن الشعب الإيراني قد شكر نعمة الثورة الإسلامية لزالت الثورة. كما أنه في أنحاء أخرى من العالم حدثت ثورة ولم يكونوا يجيدون شكر النعمة فزالت الثورة من أيديهم، ولم يفقدوا الثورة فقط، بل وتأخروا عشرين سنة وثلاثين سنة إلى الوراء. الشعب الإيراني كان شكوراً، والشكر ليس فقط بأن يقول الإنسان «اللهم لك الشكر»، أو يسجد سجدة الشكر، إنما الشكر بأن يعمل المرء بلوازم هذه النعمة، وقد عمل الشعب الإيراني بذلك. لقد شارك الشعب الإيراني في أية ساحة كانت مشاركته فيها لازمة ضرورية. حينما كانت التضحية ضرورية قدّم التضحيات، وقدّم الأرواح والأموال والأعزاء والأبناء وماء الوجه والمكانة، قدّمها كلها في الساحة. لا نريد القول إن كل واحد من شعب إيران فعل هذا، ولكن جماعة عظيمة وأكثرية ملحوظة تصرّفت بهذا الشكل، فاستجاب الله تعالى وحفظ لهم الثورة. والثورة الإسلامية اليوم أقوى وأقدر من يومها الأول الذي انتصرت فيه، وتستطيع البرمجة والتخطيط للمستقبل أكثر.


أتقدم بالشكر لشعب العراق الذي استضاف وأبدى المحبة، واستطاع إدارة هذه الحشود الهائلة في هذه الأيام.

اشكروا حادثة التظاهرات هذه. ومن جملة ما ينبغي القيام به لشكر هذه الحادثة هو أن تحافظوا في أنفسكم على هذه الروحية والأحوال التي عشتموها خلال هذه الأيام القليلة التي خرجتم فيها للتظاهر وشاهدتموها هناك أو شعرتم بها. حافظوا على هذه الأخوة والمحبة والعطف والتوجّه للولاية والاستعداد للتعب وترجيح المشقة والجهد والمشي على الراحة والكسل. يجب أن تتابعوا هذه الأحوال وتحافظوا عليها في كل شؤون الحياة. وسيكون هذا هو الشكر.

ومن فروع الشكر ومصاديقه أن نسهل هذا العمل على الذين يعشقونه ويريدون القيام به، ومسؤولية ذلك تقع على عاتق المسؤولين في مختلف قطاعات البلاد. أحياناً تقع بعض الأحداث، فلا يسمحوا بتكرارها وليحولوا دونها وليتوقوا منها، وسيكون هذا أيضاً من ضمن الشكر. على كل حال، لنعرف قدر هذه النعمة فهي نعمة كبيرة، وستكون إن شاء الله نعمة دائمة مستمرة ومبعث عزة وشموخ وفخر لشعب إيران وشعب العراق. يحاولون في العالم أن لا يسمحوا لهذا النور القوي بأن يشاهد ويرى، لكنهم لا يستطيعون فهو نور سوف يرى. هم يحاولون أن يحجبوه لكي لا يرى، أو يحرفوه، لكن أياً من هاتين المحاولتين لن تنجح، فعندما تواصلون الحركة سوف تفصح الحقيقة عن نفسها وتظهر.

من الأمور الأساسية التي أروم ذكرها اليوم ما يتعلق بالتعبئة. التعبئة من تلك الظواهر المذهلة لفترة الثورة الإسلامية. ألهم الإمام الخميني من قبل الله بأن يقدم على هذا الفعل، فأعلن عن تعبئة العشرين مليوناً وتأسست منظمة التعبئة، وكان عملاً كبيراً جداً. ما كان معنى هذا الفعل أساساً؟ معنى هذا العمل هو أن الله تعالى علّم الإمام الخميني الجليل وألهمه بأن يترك مصير الثورة بيد الشباب، وليس شباب ذلك الحين فقط. عندما ينزل الشباب إلى الساحة فإنهم سوف ينقلون هذه الأمانة المودعة في أيديهم وهذه الثقة المودعة فيهم من يد إلى يد على مرّ الزمن، وهذا ما حدث. ربما كان تسعون بالمائة منكم أنتم الحاضرين من الذين لم يشهدوا زمن الإمام الخميني ولم يشاهدوا الإمام الخميني، وأغلبكم ربما لم يشهد فترة الحرب، لكن الروح والمعنويات هي نفس المعنويات تلك. لا أنني أستلهم هذا الشيء من الكلمات التي يلقيها هؤلاء الشباب الأعزاء هنا، لا، بل أنا على اطلاع وعلى تواصل مع الشباب. معنويات شبابنا اليوم هي نفس معنويات الشباب في ذلك الحين، مع فارق أن أولئك كانوا يومذاك في وسط ساحة الثورة الملتهبة بينما لا توجد تلك الظروف اليوم، ومع ذلك توجد تلك الروح والمعنويات نفسها. والفارق الآخر هو أن البصيرة والوعي والتجربة التي يحملها شبابنا اليوم لم تكن في ذلك الحين، بمعنى أننا تقدمنا إلى الأمام. لقد أودع الإمام الخميني مصير الثورة الإسلامية بأيديكم أنتم الشباب. وأية مجموعة شبابية وأي جيل حينما ينتقل من فترة الشباب إلى الكهولة ينقل في الواقع هذه الأمانة إلى جيل الشباب من بعده، وهذه سلسلة لا تنتهي.

طبعاً ليس معنى كلامنا حين نقول إن الإمام الخميني أودع بأيدي الشباب مهمة حفظ الثورة الإسلامية وحراستها، أن غير الشباب لا واجب عليهم، بلى، فهذا من واجب الجميع، من الشيخ ذي الثمانين سنة وفوق الثمانين سنة إلى الشاب اليافع وإلى الرجل والمرأة، ومن النخبة وغير النخبة وكل أبناء الشعب والبلاد مكلفون بحفظ ثورتهم وحمايتها. هذا واجبنا جميعاً، لكن الشاب رائد وطليعي وهو داينمو الحركة. لولا جيل الشباب ولولا إرادته ومبادراته لتوقفت الحركة. أفكار الشيوخ وتجاربهم تفعل وتثمر عندما يكون هناك حراك شبابي من قبل الشباب، فالشباب هم طليعيو هذه المسيرة. وعليه فأنتم الشباب اليوم ممن لم تشهدوا الإمام الخميني وزمانه مخاطبون بخطاب الإمام الخميني فالإمام تحدث معكم وكلامه موجّه لكم، فراجعوا الإمام الخميني وأفكاره. هذه نقطة.


فأنتم الشباب اليوم ممن لم تشهدوا الإمام الخميني وزمانه مخاطبون بخطاب الإمام الخميني، راجعوا الإمام الخميني وأفكاره.

نقطة أخرى هي أن الحركة التعبوية في بلادنا منتصرة يقيناً. الشرط الأساسي لهذا النصر هو أن نعتبر نحن جميعاً - الشباب وغير الشباب - التقوى وحسن العمل واجباً على عواتقنا. التقوى الشخصية والتقوى الاجتماعية والجمعية، لكل منها معناه. وقد تحدثت حول التقوى الجمعية وأشرت إلى بعض النقاط ولا أريد التكرار. التقوى ضرورية، فراقبوا أنفسكم، راقبوا أنفسكم مراقبة شخصية ومراقبة جمعية. إذا كان هذا فإن الله يقول: «اِنَّ اللهَ مَعَ الَّذينَ اتَّقَوا والَّذينَ هُم مُحسِنُون» (3)، الله مع الذين يتقون ويعملون الحسنى. إنها لقضية مهمة جداً أن يكون الله مع جماعة من الناس.

لاحظوا، لأضرب لكم مثلاً من القرآن وتاريخ القرآن. أمر الله تعالى موسى وهارون أن يذهبا إلى فرعون. وقد كان هذا عملاً عظيماً للغاية بأن يذهب شخصان لوحدهما لمواجهة ومعارضة قوة عظيمة في ذلك الحين، وقد كانت سلطة فرعون في ذلك الحين سلطة عظيمة جداً من الناحية السياسية، ومن الناحية الاجتماعية، وحتى من حيث النفوذ بين الناس، ومن حيث التشكيلات الإدارية، ولهذا تفاصيله، لقد كانت سلطة فرعون وفرعون شيئاً عجيباً. كانت سلطة مستبدة فعالة لما تشاء، بكل تلك الإمكانيات والقدرات. وقد بعث الله شخصين وأمرهما بأن يذهبا ويعارضا هذا الشخص ويكافحا ضده. قال النبي موسى يا إلهي قد نذهب فيقتلونا وتبقى مهمتنا غير منتهية - لم يكونا يخشيان القتل إنما قالا ستبقى مهمتنا غير منتهية - «قالَ لا تَخافا إِنَّني مَعَكما اَسمَعُ واَرىٰ»‌ (4). قال الله إنني معكما. لاحظوا هذه هي المعيّة الإلهية: «اِنَّني‌ مَعَكما اَسْمَعُ واَرىٰ». فحينما يقول الله «إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذينَ اتَّقَوا» - وأنا أقول إننا لو كنا متقين لكان الله معنا - فإن هذه المعيّة الإلهية وكون الله معنا معناها أن بوسع شخصين لوحدهما وبأيد خالية أن يسيرا إلى حرب فرعون.


أقول إننا لو كنا متقين لكان الله معنا - فإن هذه المعيّة الإلهية وكون الله معنا معناها أن بوسع شخصين لوحدهما وبأيد خالية أن يسيرا إلى حرب فرعون.

و النبي موسى نفسه في موضع آخر - وهذا وارد في القرآن مراراً، وسوف أذكر موضعاً آخر - عندما وصل الأمر إلى المعارضة والمواجهة العلنية وجمع بني إسرائيل ليسيروا وقت السحر، أي عند الصباح الباكر أو في منتصف الليل، وهربوا إلى خارج المدينة لينجوا من بطش فرعون، عندما حان الصباح وانقضى شطر من النهار جاء جواسيس فرعون بالخبر أن بني إسرائيل قد تركوا المدينة وخرجوا جميعهم، فاضطرب فرعون وفكّر أن هؤلاء سيذهبون إلى مكان آخر فيشكلوا خلية، فقال اجتمعوا فجمع الجيش وسار يلاحق بني إسرائيل. ولا أدري كم كان الزمن الفاصل بين مسير بني إسرائيل وملاحقته لهم، ربما يوم أو يومين أو أقل أو أكثر كانت المدة الفاصلة عندما تحرك هذا الجيش. كان بنو إسرائيل يتحركون مشياً ومن دون تجهيزات - كانوا جماعة من الناس من النساء والرجال والأطفال - بينما جيش فرعون له تجهيزاته وعدّته وجنوده وخيوله وكل شيء، ومن الطبيعي أن يلحقوا بهم بسرعة، وقد لحقوا بهم وأدركوهم. شاهد أصحاب موسى من بعيد أنْ: يا ويلتاه، ها هو جيش فرعون قادم، فاضطربوا وخافوا. يقول تعالى في القرآن في سورة الشعراء: «فَلَمّا تَرٰٓءَا الجَمعان»، عندما كان الفريقان يسيريان، أي جماعة النبي موسى تسير في الأمام وجماعة فرعون من ورائها، عندما شاهد كل واحد من الفريقين الآخر من بعيد واقتربا من بعضهما إلى درجة يمكنهما معها مشاهد الفريق الآخر، «قالَ اَصحـٰبُ موسىٰٓ اِنّا لَمُدرَكون» (5). خاف بنو إسرائيل الذين كانوا مع موسى وقالوا يا موسى سوف يصلون إلينا قريباً. «مُدرَكون» بمعنى أنهم سوف يصلون الآن ويقبضون علينا ويقتلوننا. فماذا أجابهم موسى؟ قال النبي موسى في الجواب: «قالَ كلّآ». لن يحدث مثل هذا أبداً. لماذا؟ «اِنَّ مَعِي رَبّي». هذه هي المعيّة. قال: الله معي، ربي معي. «كلّآ اِنَّ مَعِي رَبّي سَيهدين» (6). لاحظوا، المعيّة الإلهية مهمة إلى هذه الدرجة. حين يقال: «اِنَّ ﷲَ مَعَ الَّذينَ اتَّقَوا والَّذينَ هُم مُحسِنون» (7)، فيجب معرفة قدر هذه المعية. إذا استطعنا أنا وأنتم الحفاظ على هذه المعية فاعلموا أنْ لا أمريكا فقط بل حتى لو كان للبعض في العالم عشرة أضعاف القوة الأمريكية، فسوف تتغلب عليهم هذه القوة التي يكون الله معها.

سأذكر عدة عناوين تتعلق بالتعبئة. أنتم إخوة وأخوات لكم مسؤولياتكم في قطاعات ومجالات مختلفة من التعبئة، وكل واحد من هذه العناوين يحتاج إلى شرح وإيضاح - ونحن لا نمتلك الوقت لذلك الآن، ولا المجال هو مجال ذلك - ويحتاج أيضاً إلى برمجة ورسم سياقات وخطط. سأذكر العناوين العامة فقط ويبقى الباقي عليكم.

أحد العناوين هو أن التعبئة ليست مجرد حركة عاطفية، إنما تتوكّأ التعبئة على المعرفة والفهم وعلى البصيرة. وواقع التعبئة هو هذا وينبغي أن تسير بهذا الاتجاه. لو كان الأمر مجرد مشاعر وعواطف فإن المشاعر تتغيّر بأبسط المؤثرات والأشياء. كان هناك البعض في بداية الثورة من الذين رافقوا الثورة بكل حماس ولكن بدافع العواطف والأحاسيس، ولم تكن مشاركتهم عن عمق الفهم الديني. وقد كانت لي علاقاتي ببعض هؤلاء فكنتُ أعرفهم. كنتُ أعرفهم في الجامعات وخارج الجامعات. لم يكن لهم عمق ديني. وعند اختلاطهم وارتباطهم ببعض الأشخاص الذين كانوا منحرفين عن درب الثورة، انحرف هؤلاء أيضاً عن درب الثورة - ومن خصوصية الانحراف أنه يبدأ في البداية بشكل محدود جداً كزاوية بسيطة ولكن مهما سار الإنسان على هذا الخط المنحرف إلى الأمام ابتعد عن الخط المستقيم أكثر - إلى أن أضحوا على الضدّ من الثورة. التعبئة يجب أن تكون مصحوبة بالبصيرة. عندما شددت في سنة 88 [2009 م] على البصيرة انزعج البعض وغضبوا وسخروا وأساءوا القول وكتبوا المقالات ضد التأكيد على البصيرة. هذا هو سبب التشديد على البصيرة، فالبصيرة مهمة، والمعرفة والفهم مهمان.

ثانياً التعبئة ليست فئوية منحازة. إنها ليست أحد التيارين السياسيين، أو التيارات السياسية الثلاثة، أو التيارات السياسية الأربعة الموجودة داخل البلاد. التعبئة جيش الثورة. التعبئة ملك الثورة. إذا كانت هناك ثنائية فإنها ثنائية الثوري والمعادي للثورة. وحتى الشخص غير الثوري يمكن استقطابه واجتذابه، فأنا أؤمن بالاجتذاب الأقصى، وطبعاً بأساليب الاجتذاب، لا أن نفعل أي شيء تحت عنوان الاجتذاب الأقصى - الثورة وأعداء الثورة. أي تيار وأي شخص وأي إنسان يوافق الثورة ويخدم الثورة ويتبع الثورة فإن التعبئة مناصرة له. بمعنى أننا في التيارات والفئات الموجودة داخل البلاد لا نعتبر التعبئة جزءاً من هذا التيار أو ذاك التيار أو تيار ثالث، أو ذلك التيار الرابع. لا، التعبئة ذاتها تيار ونهر عظيم يجري باتجاه أهداف الثورة.

النقطة الأخرى هي أنه لا بدّ في التعبئة من التآزر والتكامل. بمعنى أنه ينبغي تواجد شرائح الشعب المختلفة في التعبئة، وهذه هي تعبئة شرائح الشعب. يجب أن يشارك في التعبئة تلاميذ المدارس وطلبة الجامعات والعمال وأساتذة الجامعات والكسبة والحقوقيون وغيرهم وغيرهم وغيرهم، الكل ينبغي أن يشاركوا. فمديات التعبئة مديات أفقية. طبعاً شرط ذلك أن يكونوا منسجمين بعضهم مع بعض. من الأعمال والأمور الضرورية التي أوصي بها - وأقولها هنا والمسؤولون موجودون - ويجب أن تتم وتنجز هي توفير آلية حاسمة للانسجام والتعاون والتآزر على هذا الصعيد الأفقي الواسع. إذن، للتعبئة خط أفقي، هذا أولاً، ومن ناحية أخرى تحتاج التعبئة إلى مجاميع مفكرة وإلى هداية عامة. هذه الهداية - وسوف أتحدث عن هذا الجانب أكثر لاحقاً - خط عمودي، وسوف أشير فيما بعد إلى ما هو دور هذا الخط العمودي. هناك في التعبئة خط أفقي وهنالك فيها أيضاً خط عمودي. إنها ليست كالمنظمات العسكرية الدارجة أو التشكيلات الإدارية التي تمثل مجرد خط عمودي، وليست كالمجاميع الشعبية الخدمية التي لا تمثل سوى خط أفقي. لها خط عمودي ولها أيضاً خط أفقي. كل واحد من هذين أمر لازم بشكل من الأشكال لتشكيل التعبئة.

النقطة التالية هي أن التعبئة تمثل تحقيقاً للديمقراطية الدينية. عندما نقول ديمقراطية دينية أو ديمقراطية إسلامية يخال البعض أن هذه الديمقراطية ليست إلّا عند صناديق الاقتراع والانتخابات. تلك مجرد تجل واحد من تجليات الديمقراطية الدينية. الديمقراطية الدينية معناها أن يكون الشعب نفسه سيّد الحياة الاجتماعية على أساس الدين وعلى أساس الإسلام. هذا هو معنى الديمقراطية. هذا هو معنى الديمقراطية الإسلامية. التعبئة في كل الميادين والمجالات مظهر للديمقراطية الدينية والديمقراطية الإسلامية. إذا دخلت التعبئة في الحيّز الاقتصادي فسيكون الاقتصاد ديمقراطياً. نفس هذا الشيء الذي قاله السادة الآن هنا وهو صحيح تماماً. هذا الاقتصاد المقاوم الذي تحدثنا عنه إذا استطاع الاستفادة من قوة التعبئة وقدرتها فسيكون اقتصاداً مقاوماً ديمقراطياً. وكذا الحال بالنسبة للعلم والمعرفة، وكذا الحال بالنسبة لحالات التقدم الاجتماعية المختلفة، وكذلك الحال على الصعيد السياسي. التعبئة تجسيد للديمقراطية الدينية.

نقطة أخرى هي أننا طرحنا قضية الهيئات المفكرة، وأنا أصرّ على أن لا أستخدم كلمة غرفة عمليات هذه التي يستخدمها الأجانب. غرفة العمليات تعبير أجنبي، ويأتي السادة فيبدّلوا الكلمات الأجنبية إلى ترجمات فارسية حرفية ويستخدموها دائماً بفخر ومباهاة، لا، إن لنا لغتنا وننحت منها المفردات. الهيئات المفكرة أبلغ بكثير من غرفة العمليات. نحن نحتاج إلى هيئات مفكرة، أين؟ في موضعين: أحدهما في الرأس، والثاني في الطبقات. وطبقات التعبئة المتنوّعة كثيرة.


أنا أصرّ على أن لا أستخدم كلمة غرفة عمليات هذه التي يستخدمها الأجانب. غرفة العمليات تعبير أجنبي، إن لنا لغتنا وننحت منها المفردات. الهيئات المفكرة أبلغ بكثير من غرفة العمليات.

أنْ يقول الشباب هنا إننا متشوقون وأرسلونا ولماذا لا ترسلوننا، فهذه هي الحرب الصلدة. الحرب الصلدة تحتاج إلى هيئة مفكرة لرسم وتعيين حدود هذه العملية، ومن يذهب، ومتى يذهب، وكيف يذهب، وصولاً إلى الحرب الناعمة التي تحتاج هي الأخرى إلى هيئة مفكرة، والحرب الناعمة ساحة واسعة جداً، وهي تزداد اتساعاً يوماً بعد يوم باتساع الفضاء الافتراضي، وهي أخطر بكثير من الحرب الصلدة - ففي الحرب الصلدة تقع الأجساد على التراب وتتضرّج بالدماء لكن الأرواح تحلق وتعرج إلى الجنة، أما في الحرب الناعمة فإن العدو إذا انتصر لا سمح الله، تبقى الأجسام صحيحة سليمة لكن الأرواح تنحدر إلى قعر الجحيم. هذا هو الفرق، لذلك فهذه أخطر من تلك بكثير - لا بدّ من هيئة مفكرة، وإلى البناء حيث تنشط التعبئة في مجال البناء في بعض الأماكن، وإلى تقسيم المأموريات الجغرافية - هذا الذي يسمّونه المسح الأرضي، حيث تستطيع التعبئة أن تفعل في مكان ما من البلاد شيئاً لا تستطيع فعله في مكان آخر، أو لا ضرورة لأن تفعله في مكان آخر - ينبغي أن تتم هذه العملية بدقة وذكاء وفطنة، وهذا ما يحتاج إلى هيئة مفكرة. كل هذه الطبقات المختلفة والمتنوّعة والطبقات الأخرى، كل واحدة منها بحاجة إلى هيئات مفكرة.


في الحرب الناعمة تبقى الأجسام صحيحة سليمة لكن الأرواح تنحدر إلى قعر الجحيم.

بالإضافة إلى ذلك فإن الهيئة المفكرة تعمل في أعلى مستويات التعبئة، ولكل التعبئة، على رسم الخطوط والاستراتيجيات - وهنا أيضاً لا أرغب في استخدام تعبير استراتيجيست، بل مخطط استراتيجي ومفكر استراتيجي - نحن بحاجة إلى مفكرين استراتيجيين يجتمعون ولا تكون مهمتهم سوى التفكير الاستراتيجي، فهذه من أهم الأعمال. على غرار المفكرين الاستراتيجيين العسكريين وهو شيء دارج في كل العالم، وعلى حد تعبير عندما يجلس الاستراتيجيست العسكر ويحددون الموقف بخصوص الحرب والأعمال العسكرية. هذا شيء لازم وهي أعمال ينبغي القيام بها. عندما نقوم بهذه الأعمال فأينما تكونوا عاملين من مجموعة التعبئة العظيمة - سواء في حلقة الصالحين أو في السائرين إلى النور، أو في الثانويات، أو في الجامعات، أو في أجواء العمال، أو في المساجد - أينما تكونوا عاملين في مجال التعبئة وتعلمون أنكم أعضاء ناشطون في مجموعة عاقلة هادفة تسير وتتقدم، فإن هذا الشعور سوف ينبعث فيكم. لا أقول مثل عضو من البدن، لا، فأعضاء البدن صحيح أنها تتحرك وتعمل لكنها كلها أسيرة للمخ، فالمخ هو الذين يقول أنظر، والمخ هو الذي يقول إسمع، والمخ هو الذي يقول تكلم أو تحرك. المخ فعال. ليس الأمر على هذه الشاكلة في التعبئة بأن تأتي أوامر من المركز لتقول: قل. لا، بل الأمر أشبه بأن يكون كل عضو هو بحد ذاته له مخ متناسق مع ذلك المخ الأصلي الموجود في الرأس، ولهذا التنسيق والانسجام طبعاً طرقه وأساليبه. ستحصل مثل هذه الحالة.

لو توفرنا على هذه الهيئات المفكرة ونشطناها، فلا بد لنا إلى جانبها من هيئات راصدة. ما الذي ترصده هذه الهيئات الراصدة؟ لأن التعبئة كائن متحرك متوثب ومجموعة حية فعالة ونامية باستمرار ومتقدمة إلى الأمام، لذلك ينبغي رصد أن لا تتوقف عن الحركة، ويجب الرصد لكي لا تسير في الطريق الخطأ، وينبغي الرصد لئلا تتعرض للآفات والأمراض ولا تتغلغل إليها الفايروسات المتنوعة. الجهاز الراصد غير جهاز المعلومات والحماية وما إلى ذلك. لا شأن لي الآن بتلك الأجهزة، فلكل منها مسؤولياته في محلها، إنما الجهاز الراصد هو ذلك الجهاز العاقل الذكي الذي يضعه الإنسان أمامه كالصفحة المغناطيسية والكهربائية ويشاهد الواقع الخارجي، فيرى ما الذي يحدث.

هذه أشياء لازمة وضرورية. إنها أشياء ضرورية لتقدم التعبئة وتكامل وتثمير هذه الشجرة الطيبة أكثر فأكثر. فهي شجرة طيبة: «اَصلُها ثابِتٌ وفرعُها فِي السَّماء تُؤتي اُكلَها كلَّ حينٍ بِاِذنِ رَبِّها» (8). إذا أردت تحقيق هذا الـ «تُؤتي اُكلَها كلَّ حينٍ بِاِذنِ رَبِّها» فلا بد من هذه الأشياء التي أشرنا لها. طيب، هذه الأمور التي ذكرناها خطوط كلية عامة، وهي ليست تحليلية وذهنية. كل هذه الأشياء التي تحدثت عنها أمور تختص بالواقع والصعيد العملي. ولكل منها شروحه وتفاصيله - كما سبق أن قيل - وكل واحدة من هذه تحتاج إلى سياق وبرامج، وهذا ما يقع على عاتقكم وعلى عاتق المسؤولين. يجب أن يجتمعوا وينهضوا بهذه الأعمال. هذه خطوط كلية تختص بالواقع والصعيد العملي وينبغي الاهتمام بها.

نشير هنا إلى نقطة هامشية - وقد وردت في كلمات بعض الأعزاء - هي أن التعبئة كانت صناعة نموذج. لقد كانت التعبئة إيجاداً لنموذج وقدوة. لقد تنامى هذا النموذج وترسّخ في موقع مهم من العالم الإسلامي بشكل طبيعي وأفصح عن نفسه، من دون أن يرصد له إعلام ودعاية، ومن دون أن تكتب له أية أوراق، ومن دون أن تبعث رسائل لأحد. لقد استنسخوا منها النماذج والنسخ. البعض استنسخها لأهداف صالحة، والبعض استنسخها لأهداف سيئة. أن يأتوا بالشباب وينزلوهم إلى الساحة بدافع ديني ويمنحوهم مسؤوليات ويثقوا بهم، فهذا ما تحوّل إلى نموذج. وحين أضحى هذا الشيء نموذجاً استلهم أصدقاؤنا في الكثير من البلدان هذا النموذج - وقد ذكر السادة بعض الأسماء، ولا أروم ذكر أسماء بلدان - واجتمع الأعداء للبرمجة والتخطيط لهذا النموذج. من مخططات الأعداء النفوذ والتغلغل. إنني أتحدث عن النفوذ منذ حوالي سنة أو أكثر. ينبغي الخوف والحذر من النفوذ. وليس معنى الخوف أن يهاب الإنسان ذلك الشيء، بل معناه أن يلاحظه ويرصده ويراقبه. النفوذ قضية على جانب كبير من الأهمية.

من السبل الأخرى التي يتابعها الأعداء إيجاد خطوط موازية، ونحت منافسين للتعبئة. يفعلون أشياء من هذا القبيل أيضاً. ولا أريد الخوض في التفاصيل الآن لكنني أعرف وعلى اطلاع، وربما كان البعض منكم مطلعاً أيضاً، أنهم الآن ينحتون المنافسين للتعبئة ولشباب البلاد وللذين سمّيتُهم ضباط الحرب الناعمة. يصنعون خطاً موازياً من أجل إن ينسى الشبابُ هذا الجانب ويذهبون إلى ذلك الجانب. هذه قضايا مهمة.

طيب، إذا حظيت هذه العناوين التي أشرنا لها بالاهتمام - وطبعاً توجد قضايا أخرى لم يبق مجال لذكرها - فسوف تكون التعبئة قادرة على الظهور والتأثير في أكثر ساحات المجتمع أهمية. في ساحة العلم، وفي ساحة الثقافة، وفي ساحة الاقتصاد، وفي ساحة تقديم الخدمة، في كل هذه الساحات يمكن للتعبئة أن تظهر كقوة قديرة ومؤثرة. عندما يقولون إن التعبئة بلا كابح فهذا هو المعنى المقصود (9). بعبارة أخرى، تستطيع التعبئة أن تساعد الأجهزة المسؤولة في تشخيص التوجهات، وفي رسم الأهداف، وفي العمل. أي إننا عندما نتحدث عن التعبئة، ونقول هذه الأفكار، ونذكر قدرات التعبئة، لا نروم نحت منافس للسلطة التنفيذية، لا، للسلطة التنفيذية واجباتها ومسؤولياتها التي ينبغي أن تؤدّيها، فهي واجباتها، لكن التعبئة تستطيع أن تساعد السلطة التنفيذية في تشخيص الاتجاه الصحيح والحيلولة دون الخطأ والانحراف في المسيرة. وتستطيع أن تساعدها أيضاً في العمل، كمثل الاقتصاد المقاوم الذي أشار له بعض السادة. يمكن أن تعمل كمكمّل، وتستطيع أن تعمل كباعث على الأمل. بعض الأجهزة الحكومية تصاب بالقنوط في بعض المجالات، فيقولون: لا يمكن! كيف لا يمكن؟ أنجزت كل هذه الأعمال الكبيرة، فما معنى لا يمكن؟ يقولون: لا يمكن! حينما تتقدم التعبئة إلى الأمام، وعندما تواصل هذه القوة الشابة الرائدة مسيرتها الصحيحة فإن ذلك الإنسان القانط المكتئب سوف يعاوده النشاط والأمل.

أنا طبعاً لا أريد المبالغة أبداً، ولا أريد القول إن التعبوي ملاك وبعيد عن نقاط الضعف البشرية، لا، كلنا نعاني من نقاط ضعف بشرية، فلدينا الخوف، ولدينا التردد، ولدينا ملاحظات متعددة، ولدينا مشكلات عائلية، ولدينا مشكلات اجتماعية، ولكن ليس لدينا طريق مسدود، هذا ما أروم قوله. قد يصاب الشاب التعبوي في زمن ما ولفترة ما بالخوف، أو يتردد في قضية من القضايا لكنه لا يقف أمام طريق مسدود، وذلك أن العناصر الهادية والباعثة على القدرة والدالة على الطريق في التعبئة من الكثرة بحيث تستطيع إزاحة كل نقاط الضعف تلك وتبديلها إلى نقاط قوة.

نلاحظ اليوم أن هناك مشكلات في البلاد على الصعيد الاقتصادي. وقد قلنا طبعاً إن هذه السنة هي سنة المبادرة والعمل، وقد رفع لي المسؤولون المحترمون بالأمس تقريراً مفصلاً ولائحة بالمبادرات والأعمال التي تمّ إنجازها منذ بداية العام لحد الآن. أي إننا نحن الذين طلبنا وقلنا ما الذي حدث بالتالي من مبادرات وأعمال، فوصلني تقرير تفصيلي ونظرتُ فيه. هناك إحصائيات وأعمال ومبادرات اتخذت، ولكن ينبغي مشاهدة النتيجة على الصعيد العملي. المهم هو أن تشاهد نتيجة الإحصائيات التي نعلنها على الساحة العملية. لقد قلتُ في بداية السنة إنه ينبغي أن نعمل بطريقة عندما تحين نهاية السنة نستطيع الإعلان عن لائحة لنقول إننا أنجزنا هذه الأعمال، وهذه هي مؤشراتها على الصعيد العملي وفي واقع المجتمع، ولا يكون الأمر مجرد تقرير صرف. بوسع التعبئة أن تمارس دوراً في تحقيق هذا الهدف.

و أشير إلى نقطة في ختام كلمتي تتعلق بالشؤون التي لنا مع هذه الحكومة المستكبرة. طبعاً هذه الحكومة التي من المقرر أن تأتي لم تأت بعد، ولا تزال كالبطيخة المغلقة لا نعلم ما الذي في داخلها وما الذي سيخرج منها، ولكن هذه الحكومة الموجودة الآن - هذه الحكومة الحالية في أمريكا - أخذت تعمل بخلاف إلتزاماتها والقرارات المشتركة التي أعلنها لنا المسؤولون في حينها. أجد من اللازم أن أقول هنا إن هؤلاء قاموا بأعمال متعددة وارتكبوا مخالفات متعددة وهذه المخالفات ليست واحدة أواثنتين، وأحدثها هو هذا التمديد للحظر ذي العشرة أعوام. إذا جرى تمديد هذا الحظر فهو نقض لبرجام [الاتفاق النووي] بالتأكيد - بلا شك - وليعلموا أن الجمهورية الإسلامية سوف تبدي رد فعل حيال ذلك يقيناً.


إذا جرى تمديد الحظر فهو نقض للاتفاق النووي وليعلموا أن الجمهورية الإسلامية سوف تبدي رد فعل حيال ذلك يقيناً.

كلامي في هذا الخصوص للمسؤولين وللشعب هو أن هذا الاتفاق النووي الذي أطلقوا عليه اسم برجام يجب أن لا يتحوّل إلى وسيلة للضغط بين حين وحين من قبل العدو على شعب إيران وبلادنا. بمعنى أننا يجب أن لا نسمح بأن يجعلوا من هذا الاتفاق وسيلة ضغط. قال لنا المسؤولون إننا نقوم بهذا العمل ونبادر إلى هذه المبادرة من أجل رفع ضغوط الحظر. والآن، فضلاً عن أنهم لم يقوموا بشكل كامل بما وعدوا به وكان المقرر أن يقوموا به منذ اليوم الأول، وقد مضت الآن ثمانية أو تسعة أشهر، ولا تزال التزاماتهم ناقصة - وهذا ما يقوله مسؤولونا بصراحة، الذين كانوا مسؤولين ومعنيين بالأمر يقولون ويعلنون عن هذا صراحة - فضلاً عن هذا، راحوا يجعلون الاتفاق وسيلة لضغوط جديدة على الجمهورية الإسلامية، لا، الجمهورية الإسلامية بالاعتماد على القدرة الإلهية وبإيمانها بقوة مشاركة الشعب وتواجده لا تخاف من أية قوة في العالم. إذا قال قائل تقليداً للروح الضعيفة لبني إسرائيل «اِنّا لَمُدرَكون» (10) - سوف يدركوننا ويلحقون بنا وينزلون بنا الويلات - فإننا بدورنا نقول تبعاً للنبي موسى: «كلّا اِنَّ مَعِي رَبّي سَيهدين» (11).

اللهم زد من هدايتك وتسديدك لهؤلاء الشباب وكل شباب البلاد وكل الشعب الإيراني العزيز يوماً بعد يوم.

والسّلام عليكم ورحمة ‌الله.



الهوامش:

1 - في بداية هذا اللقاء - الذي أقيم بمناسبة ذكرى تأسيس تعبئة المستضعفين بتاريخ 5/9/1358 هـ ش، 26 تشرين الثاني 1979 م - تحدث لواء الحرس الثوري محمد علي جعفري القائد العام لحرس الثورة الإسلامية، ولواء الحرس الثوري محمد رضا نقدي رئيس منظمة تعبئة المستضعفين، وتحدث كذلك ثلاثة من الحضور كممثلين للتعبويين.

2 - بحار الأنوار، ج 91 ، ص 149 (بقليل من الاختلاف).

3 - سورة النحل، الآية 128 .

4 - سورة طه، الآية 46 .

5 - سورة الشعراء، الآية 61 .

6 - سورة الشعراء، الآية 62 .

7 - سورة النحل، الآية 128 .

8 - سورة إبراهيم، شطر من الآيتين 24 و 25 .

9 - ضحك الحضور.

10 - سورة الشعراء، شطر من الآية 61 .

11 - سورة الشعراء، شطر من الآية 62 .

(Khm/ABNS)

الإمام الخامنئي لدى لقائه أهالي محافظة إصفهان; لا يصدر من أي حزب يتولى الحكم في أمريكا سوى الشر


تزامنا مع الذكرى السنوية لتشييع ٣٧٠ شهيدا في محافظة اصفهان، التقى صباح اليوم الآلاف من اهالي هذه المحافظة بالإمام الخامنئي في حسينية الإمام الخميني (قدس سره).


وفيما يلي الترجمة العربية الكاملة لنص الكلمة التي ألقاها سماحته في هذه المناسبة

بسم الله الرحمن الرحيم (1)

و الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، سيما بقية الله في الأرضين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.

أنا مسرور جداً لهذا التوفيق الذي حصل والحمد لله للقاء مرة أخرى بجماعة من أهالي إصفهان الأعزاء المميزين في هذه الحسينية. الكلام مع إصفهان وأهاليها كثير، لكن هذا اللقاء هو بمناسبة الخامس والعشرين من آبان [16 تشرين الثاني]، لذلك أستهلّ كلامي من هذه المناسبة. الخامس والعشرون من آبان وإلى آخر شهر آبان من الأيام التي يجب أن لا ينساها أبداً، لا أهالي إصفهان فقط، بل كل بلادنا وتاريخنا ومعارفنا وعلومنا. في الخامس والعشرين من آبان سنة ٦١ [١٦ تشرين الثاني ١٩٨٢م] شيّع أهالي إصفهان حوالي ٣٦٠ شهيداً، وهذا ليس بالشيء الصغير. دخل نحو ٣٦٠ جثماناً من جثامين الشهداء لإصفهان في يوم واحد وشيّعوا على أيدي الناس. أنتم الشباب لم تكونوا في تلك الأيام ولم تشهدوها ولم تروا تلك الملاحم والحماس. وبعد أيام قليلة - حين أقول إلى آخر آبان فلأن الأمر ربما لم يصل إلى الثلاثين من آبان - دخلت إصفهان مرة أخرى جثامين ٢٥٠ شهيداً آخر، فشيّعهم الناس وحملوهم على الأيدي وأبدوا ثباتاً وصبراً وطاقة، وهذا أمر يتطلب الكثير من الطاقة والقوة. والطاقة الروحية هنا أعلى من الطاقة الجسمية والاجتماعية. أن يشيّع الناس في مدينة من المدن أبناءهم وشبابهم، وهم خيرة شبابهم، على أيديهم ولا يقطبوا وجوههم ولا يعبسوا، فهذا شيء بالغ الأهمية. لو كانوا قد كتبوا هذه الأشياء في التاريخ، ولو كانوا قد قرأوها لنا في الكتب لما صدقناها بسهولة، لكننا شاهدنا هذه الأحوال بأعيننا. كيف أطاقوا ذلك وصبروا عليه؟ في نفس ذلك اليوم الذي شيعوا فيه قرابة الـ ٣٦٠ شهيداً واليوم الذي تلاه، وقف الشباب طوابير للالتحاق بالجبهات. الفرقتان القويتان اللتان تألفتا من مدينة إصفهان ومن مدن محافظة إصفهان - فرقة الإمام الحسين (عليه السلام) وفرقة النجف - امتلأتا مرة أخرى من حشود الشباب المؤمن المضحّي. لم يمانع الآباء والأمهات ولم يتردد الشباب أنفسهم في المبادرة إلى ذلك. امتلأت مرة أخرى تلك الفرقتان الاقتحاميتان اللتان أصيبتا بتلك الخسارة الجسيمة. في عمليات محرم كان معظم الشهداء من إصفهان. هذه هي إصفهان. يجب أن لا تسمحوا لهذا بأن ينسى.

أعزائي، اعلموا أن من النقاط الرئيسية التي يستهدفها أعداء هذا البلد وأعداء هذه الثورة هي التقليل من أهمية هذه المحطات البارزة الممتازة. إنهم يركزون على العمل من إجل دسّ هذه المفاخر في مطاوي النسيان، لكي تنسى. لاحظوا أنه لو كان هناك شهيد في بلد غربي أو أوروبي - ولا شأن لنا كيف استشهد، فقد قتل بالتالي في سبيل هدف وبدافع معين - فلا يسمحون بمحو أسمه من الكتب وبمحو ذكراه من الخواطر، فلماذا نسمح نحن بنسيان هذه الحركة العظيمة لأهالي إصفهان؟ هذه هي إصفهان.


لاحظوا أنه لو كان هناك شهيد في بلد غربي أو أوروبي، فلا يسمحون بمحو أسمه من الكتب وبمحو ذكراه من الخواطر، فلماذا نسمح نحن بنسيان هذه الحركة العظيمة لأهالي إصفهان؟

حسنا، تصادفت هذه الأيام في هذه السنة مع أيام الأربعين. هل ترون هذه المظاهرات؟ هل تشاهدون هذه الحركة المليونية العظيمة بين النجف وكربلاء، بين النجف والإمام الحسين؟ هل ترون هذا الحماس والشوق؟ هل ترون هذا الحراك؟ هذه الحركة إذا لزم أن تترافق مع الخطر فإن هذا الحماس والشوق لدى شعبنا وأمتنا وشبابنا سيبقى مشهوداً على الرغم من الأخطار. ينبغي الحفاظ على هذا، فهذا هو الذي يضمن بقاء البلاد.

و قد أشار سماحة السيد الطباطبائي إلى عدة نقاط وقال إن لديّ حول مناقب إصفهان وأهالي إصفهان كلاما وآراء، وهذا هو الواقع. إصفهان مدينة علم، ومدينة دين، ومدينة ولاية، ومدينة عمل وإبداع، ومدينة فن وثقافة، ومدينة شهادة. إنها محافظة الشهادة. وعندما نقول مدينة نعني مجموع محافظة إصفهان بمركزية هذه المدينة العريقة القديمة الكثيرة الأمجاد. خميني شهر وهي من مدن محافظة إصفهان قدّمت عدداً من الشهداء أكبر من بعض محافظات البلاد الأخرى. في الآونة الأخيرة أقاموا برنامج تكريمي لذكرى ألفين ونيف من شهداء هذه المدينة. في بعض الحالات قدّمت مدينة واحدة من محافظة إصفهان شهداء أكثر مما قدمته محافظة. هذا شيء له معناه. لماذ يستشهدون؟ لماذا يذهبون إلى الجبهات؟ أي محفزات تدفعهم؟ أي روح ومعنويات هذه؟ إنها مدينة الريادة والسبق.

هذه الحركة إذا لزم أن تترافق مع الخطر فإن هذا الحماس والشوق لدى شعبنا وأمتنا وشبابنا سيبقى مشهوداً على الرغم من الأخطار.

أشاروا إلى حراك أهالي إصفهان في خصوص الاقتصاد المقاوم. نعم، أنا أيضاً اعتقد بهذا. إن أهالي إصفهان يبدون في الإنفاق - إنفاق المال في سبيل الله - سخاء يتقدمون به على الآخرين، لكنهم يقتصدون في حياتهم العادية، وهم في ذلك أيضاً متقدمين على الآخرين. كلا الحالتين حسنة ومحمودة. أن نقتصد في المال عندما نريد الإنفاق على حياتنا الشخصية العادية فهذه خصوصية إصفهانية، وعندما نريد الإنفاق في سبيل الله وللمصالح العامة نكون أسخياء فهذه أيضاً خصوصية إصفهانية. هكذا هم الخيّرون في مختلف القطاعات في إصفهان. مدينة الظرافة، مدينة الفن، مدينة الشهداء الكبار المشاهير، شهيد مثل آية الله بهشتي في جانب، وفي الجانب الآخر شهداء مثل الشهيد خرازي، والشهيد همّت، والشهيد كاظمي، والشهيد رداني پور، وغيرهم من الكبار والمشاهير الذي يمكن لكل واحد منهم أن يكون مشعلاً يضيئ طريق الشعب ويفتحه. هذه مناقب، وهذه هي هويتكم. هذه هي هوية أهالي إصفهان. الثبات على النهج السليم، إنها مدينة الثورة، قبل انتصار الثورة وفي زمن الطاغوت، أعلنت الحكومة العسكرية والأحكام العرفية في عشرة مدن أو خمس عشرة مدينة، وفي إصفهان كانوا قد أعلنوا الحكم العسكري والأحكام العرفية قبل كل المدن وقبل كل الأماكن الأخرى بعدة أشهر. هذه هي إصفهان. هذه هي هوية إصفهان: مدينة الثورة، مدينة الدين، مدينة الولاية، مدينة الخدمة، مدينة العمل، مدينة العلم، مدينة إعداد الطاقات البشرية. وكنتُ قد قلتُ الآن للأعزاء في تلك الغرفة إن حضور الطاقات الإنسانية من إصفهان في القطاعات والمجالات المختلفة حضور مميز وواضح وبيّن. يجب أن تحافظوا على هذه الخصوصيات وتصونوها.

ليعلم جميع شبابنا الأعزاء أن العدو لن يجلس عاطلاً عديم النشاط، فهو يعمل ويخطط، والميزة بالنسبة لنا هي أن نعرف مخططات العدو ومؤامراته والمواطن التي يستهدفها، وأن تكون لنا تدابيرنا ودوافعنا وأفكارنا لمواجهته ومجابهته وإحباط نشاطاته. الخمول والانهزامية مقابل العدو هي بوابة كل الآفات والأضرار التي تحل بالبلاد. إننا نروم الارتقاء ببلادنا بفضل الإسلام إلى الذرى. إننا نريد إيصال الشعب الإيراني - كما يليق بهذا الشعب - إلى حيث يصبح نموذجياً، لا للعالم الإسلامي والشعوب المسلمة وحسب، بل للبشرية. وهذا بالتالي عمل كبير، وهو طريق صعب وطويل. أعداء الإسلام لا يريدون لاسم الإسلام أن يكتسب مثل هذه العظمة والجلال. وأعداء الشيعة لا يريدون ذلك أيضاً. لذلك يجلسون ويتآمرون وينشطون ويخططون. ينبغي عدم الغفلة عن مخططاتهم.


علينا أن نعرف مخططات العدو ومؤامراته والمواطن التي يستهدفها، وأن تكون لنا تدابيرنا ودوافعنا وأفكارنا لمواجهته ومجابهته وإحباط نشاطاته.

ما أعتبره اليوم ضروريا بالنّسبة إلينا هو بالدرجة الأولى الصمود على مبادئ الثورة. ومبادئ الثورة هي تلك الأمور الموجودة في وصية الإمام الخميني وفي كلماته. هذه هي قواعد الثورة وأركانها. أوصي الشباب بأن يقرأوا وصية الإمام الخميني. إنكم لم تروا الإمام الخميني لكنه متجسّد في وصيته وكلماته وأقواله. محتوى ذلك الإمام الذي استطاع أن يهزّ العالم هو هذه الأشياء الموجودة في وصيته وأقواله وكلماته. لا يمكن تأويل الإمام الخميني وتفسيره بخلاف ما كان عليه، فكلماته موجودة. لا بدّ من الإصرار على مبادئ الثورة وأصولها.

قبل فترة قلتُ لجماعة الشباب من النخبة العلمية الذين كانوا هنا بأن هذا الدرب الذي نسلكه لا نسلكه بدافع اللجاجة والعصبية والحميّة الجاهلية، إنما هو بمعنى أن هذا البلد إذا أراد أن يمسح عن وجهه غبار قرون من التخلف الذي فرض عليه فينبغي له السير في هذا الدرب، وإذا أراد حلّ مشكلات هذا البلد وأن يحظى هذا البلد بالعزة والرفاه وأن يكون بلداً يمتاز بالتقدم المادي والمعنوي والأخلاقي والثقافي فيجب مواصلة درب الثورة. الثورة كانت الطريق الوحيد لمعالجة مشاكل هذا البلد ولا تزال وستبقى في المستقبل كذلك.


مبادئ الثورة. ومبادئ الثورة هي تلك الأمور الموجودة في وصية الإمام الخميني وفي كلماته. هذه هي قواعد الثورة وأركانها. أوصي الشباب بأن يقرأوا وصية الإمام الخميني.

من الأمور المهمة اليوم من الناحية العلمية هي قضية الاقتصاد، فالعدو يركّز على اقتصاد بلادنا. اقتصاد البلاد من وجهة نظر العدو هو نقطة ضعف يستطيع التركيز عليها وتنفيذ مآربه السيئة في بلادنا العزيزة وضد الجمهورية الإسلامية. ينبغي العمل في المجال الاقتصادي. وقد طرحتُ الاقتصاد المقاوم، أي الاقتصاد الذي يتدفق من الداخل ويقلل حاجتنا للآخرين ويضاعف من متانة البلاد حيال الاهتزازات الخارجية. هذا هو معنى الاقتصاد المقاوم. «الاقتصاد المقاوم، المبادرة والعمل»، هذه المبادرة والعمل يجب أن يتمّا أمام أنظار الشعب والناس ويراهما الناس. هذا هو توقعنا ومطالبنا من المسؤولين وهو ما نطرحه عليهم. إننا نطرح هذه الأمور على المسؤولين دوماً ونقولها لهم. ينبغي عرض مؤشرات المبادرات والأعمال.


ينبغي العمل في المجال الاقتصادي. وقد طرحتُ الاقتصاد المقاوم، أي الاقتصاد الذي يتدفق من الداخل ويقلل حاجتنا للآخرين.

البصيرة السياسية من جملة الأمور اللازمة في الوقت الحاضر، البصيرة السياسية. لاحظوا أنه عندما تكون هناك بصيرة يستطيع الإنسان معرفة البيئة المحيطة به والأجواء والبيئات البعيدة عنه والقريبة منه. هذا هو معنى البصيرة. وحينما تنعدم البصيرة ينجذب الإنسان لشيء ليست له جاذبية حقيقية. البعض ينجذبون لأمريكا، لكن هذه الجاذبية جاذبية كاذبة.

ليس فيها أية جاذبية. كنا نقول هذه الأشياء، ثم شاهدتم في هذه الانتخابات أن أبرز الشخصيات السياسية في نفس ذلك البلد جاءوا وقالوا نفس تلك الأشياء التي كنا نقولها، قالوها بأبعاد أكثر ومضاعفة ضعفين أو عدة أضعاف. رئيس الجمهورية الذي انتخب في أمريكا (2) يقول لو إن تلك الأموال التي أنفقها الأمريكيون طوال السنوات الماضية على الحرب، لو أردنا إنفاقها داخل أمريكا لاستطعنا بناء أمريكا مرتين، ولما كان لدينا في أمريكا كل هذه الطرق المعطوبة، والجسور المهدمة، والسدود الخربة، والمدن الخربة، وكل هؤلاء الفقراء. هؤلاء الذين ينجذبون لتلك الحالة الخيالية، هل هم مستعدون لفهم هذه الأمور؟ يوجد في ذلك البلد كل هذا الخراب، وأموال ذلك البلد تنفق على أعمال غير مشرّفة. هل هذه الحروب التي يقول عنها إننا أنفقنا عليها عدة ترليونات من الدولارات - يقول أنفقنا عليها عدة آلاف من مليارات الدولارات - هل كانت حروباً شريفة؟ والحرب على نوعين، حرب شريفة يحترم فيها الإنسان القوانين الإنسانية. عدو يهاجم الإنسان ويضطر الإنسان للحرب مقابل هذا العدو، هذه الحرب حرب شريفة. أما تلك الحرب التي شنتها أمريكا في هذه المنطقة خلال الأعوام الماضية فهي ليست حرباً شريفة. هدموا بيوت الناس، وقتلوا عشرات الألوف من المدنيين، قتلوا النساء والأطفال، وألقوا القنابل وقصفوا مجالس العزاء والأعراس، ودمروا البنى التحتية لعدة بلدان. لاحظوا ما الذي ألحقوه بليبيا وسورية والعراق واليمن وأفغانستان. لقد أنفقت تلك الترليونات على هذه الأشياء. هذه أمور كنا نقولها دوماً. البصيرة هي أن تعرفوا من الذي تواجهونه ومن هو طرفكم المقابل، وأن تعلموا ما الذي يفكّر به تجاهكم، وأن تعلموا أنكم إذا أغمضتم أعينكم ولم تفكروا فسوف تتلقون ضربة، هذه هي البصيرة. توقعنا من النخبة السياسيين وغير السياسيين في البلاد هو التحلي بهذه البصيرة. والشعب يتحلى بهذه البصيرة لحسن الحظ. وهذا عجيب أن يتحلى الناس العاديون وكتل الشعب بهذه البصيرة السياسية لكن بعض النخب عندنا لا تتوفر لديهم هذه البصيرة انطلاقاً من بعض الأوهام التي يعيشونها.


حينما تنعدم البصيرة ينجذب الإنسان لشيء ليست له جاذبية حقيقية. البعض ينجذبون لأمريكا، لكن هذه الجاذبية جاذبية كاذبة.

وأنا طبعاً ليس لدي أي حكم أو تقييم لهذه الانتخابات التي تمّت في أمريكا. فأمريكا هي أمريكا. هذا الحزب أو ذاك الحزب، أيهما جاء إلى الحكم لم يصلنا منه خير، بل وصلنا منهم الشر.

أحدهما فرض حظراً، والآخر قصف طائرة، والآخر هاجم رصيفاً نفطياً، والآخر ساعد أعداءنا. ليس لدينا قلق، فنحن بتوفيق من الله مستعدون جاهزون لمواجهة أية حادثة محتملة. البعض في العالم أقاموا المآتم أنْ لماذا كانت الانتخابات في ذلك البلد على هذا النحو، والبعض في العالم فرحوا وابتهجوا، أما نحن فلا، لا نقيم مآتم ولا نقيم أفراحاً، فالأمر لا يختلف بالنسبة لنا. إننا نفكر في كيفية حل المشاكل المحتملة، على الشعب التفكير بهذا الشيء. طريق اجتياز كل المشاكل المحتملة بالنسبة للبلاد سواء في هذه الدورة أو خلال عشرة أعوام قادمة، أو خلال خمسين سنة قادمة، هو أن يكون البلد قوياً من الداخل. لاحظوا كيف تحصل المتانة والقوة. المتانة الداخلية للنظام هي أساس الأمور، سواء المتانة والقوة السياسية أو المتانة الاقتصادية أو المتانة الثقافية، أو فوق كل ذلك المتانة الروحية والنفسية للأفراد، وخصوصاً النخبة، وعلى الأخص المسؤولين الكبار في البلاد. إذا توفرت هذه المتانة والقوة لما هدد البلد أي خطر، وستكون البلاد جاهزة حيال كل الأخطار. على شبابنا الأعزاء أن يواصلوا هذا النماء المبارك للروح الثورية. السجالات والضجيج والأمور الجانبية واللغط والخوض في الشؤون الصغيرة والجزئية وما إلى ذلك، هذه ليست قضايا البلاد، إنما قضية البلاد هي الروح الثورية، قضية البلاد هي الاتجاه الثوري. وقضية البلاد من الناحية العملية والتخطيطية هي الاقتصاد الذي تحدثنا عنه مراراً، وهي التقدم العلمي الذي تحدثنا عنه مراراً، وهي الاتحاد والانسجام بين أبناء الشعب وهذا أيضاً ما تحدثنا عنه مراراً. هذه هي القضايا الأساسية في البلاد.


رئيس الجمهورية الذي انتخب في أمريكا يقول لو إن تلك الأموال التي أنفقها الأمريكيون طوال السنوات الماضية على الحرب، لو أردنا إنفاقها داخل أمريكا لاستطعنا بناء أمريكا مرتين.

لقد كان أهالي إصفهان والحمد لله موفقين ناجحين في الماضي البعيد والقريب، وخرجوا من الاختبارات ناجحين مرفوعي الرؤوس. الامتحانات الصعبة كانت في الماضي البعيد والقريب امتحانات بناءة بالنسبة لإصفهان. الامتحان بمعنى التمرين، الامتحان الإلهي معناه التمرين والمناورات. المناورات تكشف للإنسان نقاط ضعفه فيحاول تصحيح نقاط الضعف تلك وتبديلها إلى نقاط قوة. هذا هو ما يوجد أمام شعب إيران. وإصفهان والحمد لله رائدة سبّاقة في هذا المضمار. ونتمنى أن تكون هكذا دائماً. أعزائي، اعلموا أن غد هذا البلد أفضل من يومه بكثير، وبفضل من الله وبحول منه وقوة سيستطيع هذا البلد ببركة الثورة وببركة الآيات الإلهية وببركة الاعتماد على الإيمان بالقرآن والإسلام وتعاليم أئمة الهدى (عليهم السلام) أن يتغلب على كل المشكلات ويتقدم إلى الأمام، وهذا ما نتمنى أن يتحقق إن شاء الله. نحن مسرورون كثيراً لأننا استطعنا اللقاء بكم أيها الإخوة والأخوات الأعزاء. أبلغوا سلامنا لكل الإخوة والأخوات الإصفهانيين.

والسّلام عليكم ورحمة الله.



الهوامش:

1 - في بداية هذا اللقاء - الذي أقيم بمناسبة الذكرى السنوية لتشييع جثامين 370 شهيداً في عمليات محرم في الخامس والعشرين من آبان سنة 1361 هـ ش [16 تشرين الثاني 1982 م] في مدينة إصفهان، تحدث آية الله السيد يوسف طباطبائي إمام جمعة مدينة إصفهان وممثل الولي الفقيه في محافظة إصفهان.

2 - دونالد ترامپ.

(Khm/ABNS)

Terkait Berita: